أعلنت إسرائيل وتركيا رسمياً أمس تطبيع العلاقات بينهما إثر خلاف دام ست سنوات ونجم عن الهجوم الذي شنته وحدة إسرائيلية مسلحة على السفينة «مافي مرمرة» التي كانت تنقل مساعدات إنسانية تركية في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة، ما أدى إلى مقتل عشرة أتراك. ولم تحمل الخطوط العريضة للاتفاق أي مفاجآت، خصوصاً في ضوء التمهيد له ولبنوده بشكل مفصل ولفترة طويلة في الإعلام. ويتضمن الاتفاق إعادة سفيري البلدين، وتعويض الضحايا الأتراك في مقابل وقف الملاحقات القضائية للعسكريين الإسرائيليين، وتقديم مساعدات إنسانية تركية للقطاع عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، وبناء محطتي كهرباء وتحلية مياه ومستشفى تركي في غزة. لكنه لا يشمل رفع حصار غزة، أو طرد حركة «حماس» من تركيا، وإن أشارت صحيفة «هآرتس» أخيراً الى أن تركيا تعهدت منع الحركة من تنفيذ أي أنشطة ضد إسرائيل على أرضها. كما أكد مسؤول إسرائيلي أن تركيا تعهدت العمل من أجل حل قضية الإسرائيلييْن المفقودين في غزة، وتسليم أشلاء جندييْن قتلا في حرب غزة عام 2014. ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن الاتفاق، مشيراً الى أن حصار غزة باق، رغم تنازلات تسمح لتركيا بتقديم المساعدات للقطاع. وصرح في روما بعد محادثات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأن الاتفاق «ذو أهمية استراتيجية قصوى»، و «ستكون له انعكاسات كبرى على الاقتصاد»، مشيراً الى أهميته لتسويق الغاز الطبيعي الى أوروبا عبر تركيا. من جانبه، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم من أنقرة، أن بلاده سترسل لغزة «أكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية» الجمعة إلى مرفأ أشدود، مضيفاً أن اتفاق التطبيع يتضمن دفع مبلغ عشرين مليون دولار لصندوق تعويضات عائلات الضحايا الأتراك في مقابل إسقاط الملاحقات القضائية. ورحب كيري بالاتفاق، واصفاً إياه ب «الخطوة الإيجابية»، كما رحب به الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال لقائه الرئيس رؤوفين ريفلين أمس، معتبراً أنه «إشارة أمل» للشرق الأوسط. إسرائيلياً، لاقى الاتفاق ترحيباً من وزراء ومسؤولين بوصفه مصلحة قومية وأمنية واقتصادية، في حين قاد نواب حزب «العمل» المعارض ووسائل إعلام مناوئة لنتانياهو وحكومته، حملة انتقادات ضده بداعي الخنوع ودفع تعويضات مالية لضحايا مرمرة، وعدم تضمينه بنداً يتعلق بإعادة أشلاء جنديين محتجزة لدى «حماس» منذ عامين، ومفقوديْن في غزة. فلسطينياً، أطلع الرئيس الطيب رجب أردوغان الرئيس محمود عباس هاتفياً على مضمون الاتفاق، بعدما كان أطلع عليه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل خلال لقائهما الجمعة في إسطنبول. من جانبها، التزمت «حماس» الصمت تجاه الاتفاق، في حين رفضته حركة «الجهاد الإسلامي» بوصفه «اتفاق تطبيع». وفي الشارع الفلسطيني، تباينت ردود الفعل بين مرحّب بالاتفاق على أساس إيجابياته المتمثلة بسماح إسرائيل بمساعدات ومشاريع تركية، وبين من انتقده لأنه يحقق مصالح تركيا فقط التي تراجعت عن شرطها رفع حصار غزة. كما وصف ناشطون في «هيئة الإغاثة الإنسانية التركية» الاتفاق بأنه مخيب للآمال لأنه لم يؤد الى رفع الحصار.