بعد تسعة أعوام من أشغال هائلة، تدشن بنما غداً (الأحد) قناتها التي تم تجديدها وتوسيعها لاستقبال سفن أكبر، على أمل تحفيز قطاعها التجاري وانتزاع زبائن من منفستها الرئيسة قناة السويس. وفي حضور قادة نحو عشر دول بينهم رئيسة تايوان تساي اينغ وين والرئيسة التشيلية ميشال باشيليه، ستكون سفينة صينية أطلق عليها اسم «كوسكو شيبينغ بنما» لهذه المناسبة، أول سفينة تعبر القناة بعد توسيعها. وباتت البنية التحتية التي يبلغ عمرها مئة عام وعامين تسمح بمرور سفن تنقل عدداً يصل إلى 14 ألف حاوية، ويمكن أن يبلغ عرضها 49 متراً وطولها 366 متراً، أي أن قدرتها ازدادت ثلاثة أضعاف. في الماضي كانت السفن الكبيرة جداً مضطرة لأن تسلك قناة السويس الأوسع. ولذلك تأمل بنما أن تحسن خلال عشرة أعوام أداءها السنوي عبر مضاعفة حجم العبور (الترانزيت، 300 مليون طن) والعائدات (بليون دولار). وتشكل القناة أصلاً معبراً إلزامياً لخمسة في المئة من التجارة البحرية العالمية والدولتان الرئيسيتان اللتان تستخدمانها هما الولاياتالمتحدة والصين. وستكون الدولة البنمية أول المستفيدين من تحسن العائدات، وقال الرئيس البنمي السابق نيكولاس أرديتو بارليتا نائب الرئيس السابق للبنك الدولي في أميركا اللاتينية: «مع قناة موسعة، ستزداد عائدات الخزانة وهذا ما سيعود بالفائدة على قطاعات أخرى للنشاط الاقتصادي» في البلاد. وتابع أن القناة ونشاطات لوجستية أخرى وخدمات مصرفية مرتبطة بها، تؤمن 45 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد. وستستفيد التجارة العالمية أيضاً من العملية، بينما ستستفيد الولاياتالمتحدة وآسيا من خفض نفقات انتقال البضائع بينها. وأكبر سوق مستهدف بتوسيع القناة هو نقل الغاز الطبيعي المسال من ولايتي تكساس ولويزيانا الأميركيتين إلى آسيا وخصوصاً إلى اليابان. وقال الرئيس البنمي خوان كارلوس فاريلا، إن «تدشين القناة الموسعة يعني فرصاً جديدة للتجارة الدولية، وبالنسبة لبنما، تعزيز الامتيازات التنافسية كمركز لوجستي». ويأتي الاحتفال بتدشين القناة في وقت مناسب للبلاد التي هزتها فضيحة التهرب الضريبي العالمية «أوراق بنما» التي كشفت منذ بداية نيسان (أبريل) الماضي، عن استخدام شركات وهمية «أوفشور» عبر مكتب المحاماة البنمي «موساك فونسيكا» للتهرب الضريبي. ويريد هذا البلد أن يجذب أنظار العالم غداً بهذه القناة الشهيرة التي أعلنت واحدة من العجائب السبع في العالم الحديث. وقال مدير القناة خورخي كيخانو «نظهر للعالم الوجه الحقيقي لبنما وهذا يجب أن يكون له تأثير إيجابي على صورة البلاد في مواجهة ما نمر به من صعوبات». وأضاف أن «الأشغال انتهت ونشعر بارتياح كاف لننتقل إلى مرحلة العمليات». وكان المشروع يقضي عند إطلاقه في العام 2007، ببناء قناة ثالثة وسد متحرك ثالث على جانب المحيط الهادئ وآخر على البحر الكاريبي مع تحسين جوانب أخرى في القناة. لكن التنفيذ بدا أكثر تعقيداً ووقعت خلافات باستمرار بين إدارة القناة والتجمع الموحد للقناة «الكونسورسيوم» المكلف إنجاز الأشغال، ما أدى إلى تأخير. وفي العام 2014 لم يتردد «الكونسورسيوم» الذي يضم المجموعات الإسبانية «ساسير» والإيطالية «ساليني» و«ايمبريجيليو» والبلجيكية «جاد دي نول» والبنمية «كونستروكتورا أوربانا»، في تعليق العمل للمطالبة بموازنة إضافية تبلغ 3.5 بلايين دولار. وشكلت إضرابات عدة قام بها عمال وتشققات ظهرت في واحد من السدود الجديدة ضربة جديدة للمروجين للمشروع. وفي نهاية المطاف ستدشن القناة الموسعة بعد تأخير عشرين شهراً وكلفة 5.45 بلايين دولار، لكن الخبير البنمي كارلوس غيفارا-مان أستاذ العلوم السياسية في «جامعة ولاية فلوريدا» قال إن «الكلفة قد تكون أكبر من المتوقع بكثير بسبب المبالغ التي يطالب بها الكونسورسيوم». واعترف كيخانو بأن توسيع القناة الذي مرت فيها أكثر من مليون سفينة منذ تدشينها في العام 1914 «طفل نقوم بتوليده عبر عملية وضع طويلة».