احتدمت المواجهات أمس في محافظة حلب بشمال سورية، وشاركت فيها أطراف عدة على أكثر من جبهة. ففي حندرات، شمال مدينة حلب، أعلنت فصائل المعارضة قتل عشرات الجنود السوريين خلال تقدّمهم تحت غطاء قصف جوي عنيف، فيما تمكن معارضون من طرد تنظيم «داعش» من معقله في بلدة الراعي على الحدود مع تركيا، لكن التنظيم رد بهجمات انتحارية أوقعت عشرات القتلى في صفوف الفصائل. أما في المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات، شمال شرقي حلب، فتمكنت «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة بغطاء جوي أميركي، من السيطرة على قرى ومزارع عدة بعد معارك ضد «داعش»، الذي واصل في الوقت ذاته الدفاع عن مواقعه في مدينة منبج التي يحاول تحالف «سورية الديموقراطية» السيطرة عليها، ما يعني توجيه ضربة قاسية للتنظيم الإرهابي قرب الحدود التركية. وجاء ذلك فيما قال ديبلوماسيون في نيويورك إن جولة المفاوضات المقبلة بين الأطراف السوريين «يُرجّح أن تبدأ بين 12 و15 تموز (يوليو) المقبل» وإن المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا «سيحدد موعد هذه الجولة ويعلنه خلال إحاطته المقررة أمام مجلس الأمن الأربعاء». ومن المقرر أن يصل دي ميستورا إلى نيويورك مطلع الأسبوع ليقدم إحاطته في جلسة خاصة لمجلس الأمن حول الوضع في سورية. في جانب آخر، تقدمت كندا بمبادرة طلبت فيها من مجلس الأمن إنشاء لجنة تحقيق دولية خاصة بجرائم تنظيم «داعش» في العراق وسورية، قد تفتح الباب في حال تطبيقها أمام أول إجراء دولي للمحاسبة على الانتهاكات المرتكبة في هذين البلدين. ووجه وزير الخارجية الكندي ستيفان ديون رسالة رسمية إلى رئاسة مجلس الأمن طالب فيها المجلس بإنشاء «آلية للتحقيق في ما يرد من تقارير عن ارتكاب تنظيم داعش انتهاكات للقانون الدولي في العراق وسورية، للتحقق مما إذا كانت تشكل أعمال إبادة جماعية أو جرائم دولية خطيرة». وشدد ديون على ضرورة أن تتمتع آلية التحقيق المطلوبة بصلاحية «تحديد هوية مرتكبي هذه الانتهاكات، والتدابير اللازمة لكفالة المحاسبة عن الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش في العراق وسورية، بسبل منها الإحالة الى المحكمة الجنائية الدولية، حسب الاقتضاء». وفي بيروت، قال الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله إن معركة مدينة حلب هي معركة للدفاع عن كامل سورية، متعهداً مواصلة القتال هناك. وفي اعتراف بعدد القتلى الكبير الذي تكبده الحرب في معارك حلب، قال نصرالله إن الحزب اللبناني فقد 26 قتيلاً وأسيراً واحداً ومفقوداً واحداً منذ بداية حزيران (يونيو) الجاري. وتابع أن مسلحي المعارضة فقدوا في المقابل 617 قتيلاً بينهم عشرات القادة الميدانيين و800 جريح وتم إعطاب وتدمير 80 دبابة وآلية عسكرية. ومعلوم أن فصائل «جيش الفتح» وعلى رأسها «جبهة النصرة» سيطرت في معارك ريف حلب الجنوبي على بلدات استراتيجية عدة أبرزها خلصة، التي شهدت أربعة أيام من المعارك الضارية بين المهاجمين وعناصر من ميليشيات شيعية عدة تقاتل بإشراف إيراني، مثل «حزب الله» اللبناني وحركة «النجباء» العراقية. وقال نصرالله إن «الإرهابيين» استغلوا وقف إطلاق النار في حلب «لشن اعتداءاتهم»، مضيفاً أن معركة حلب «استراتيجية» و «لا يجوز التراجع فيها أو الوهن أو الضعف»، مؤكداً أن «حزب الله» لن يبقى فقط في هذه المعركة بل المطلوب هو «تواجد أكبر في حلب» بهدف إسقاط «المشروع التآمري»، بحسب وصفه.