تظاهر مئات الآلاف في فرنسا اليوم (الخميس)، للمرة العاشرة منذ آذار (مارس)، احتجاجاً على إصلاح لقانون العمل قدمته الحكومة الاشتراكية التي أكدت انها «لن تتساهل مع أي تجاوزات وأي أعمال عنف». وشهدت فرنسا التي لا تزال تواجه احتمال وقوع اعتداءات، في وقت تستضيف فيه كأس أوروبا 2016 في كرة القدم حتى 10 تموز (يوليو)، صدامات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات وتوقيف عدد كبير من المخلين بالأمن، خلال التظاهرة الأخيرة في باريس في 14 حزيران (يونيو). وأدى التحضير للتظاهرة الجديدة في العاصمة خلال الأيام الأخيرة، إلى تغيير مفاجئ في موقف الحكومة التي اقترحت تنظيم تجمع ثابت قبل أن تمنع التظاهرة، ثم سمحت بها بعد ساعات على مساحة صغيرة. والنقابات التي رفضت اي تجمع لا تتخلله مسيرة، اقترحت مسارات مختلفة، ثم تبنت اقتراحاً للحكومة يقضي بالبقاء على مقربة من ساحة الباستيل. وسيسير المتظاهرون على امتداد 1.6 كلم حول حوض متاخم لهذه الساحة التي تعتبر مكاناً رمزياً للثورة الفرنسية. وبسخرية قال جان-لوك ميلينشون، الشخصية البارزة لدى اليسار المتطرف إن «التظاهرة المحظورة رسمياً مسموح لها رسمياً أن تدور في شكل ثابت. مانويل فالس بليد ومربك». وأضاف أن رئيس الوزراء هو المسؤول الأول عن الفوضى التي سبقت صدور التصريح بتنظيم التظاهرة. ومنذ طرحت الحكومة في آذار (مارس) مشروع إصلاح قانون العمل، ما زال الاستنفار النقابي قوياً حتى لو أن حجم الحشود تفاوت. فقد شهد 31 آذار واحدة من أكبر التظاهرات، إذ شارك فيها حوالى 390 ألف شخص احصتهم السلطات في 250 مدينة. وفي المقابل، شملت الاضرابات قطاعات وسائل النقل والطاقة وجمع النفايات، فحصلت فوضى كبيرة، وخلفت عن فرنسا صورة مؤسفة عشية كأس الأمم الأوروبية 2016. وتقول الحكومة الاشتراكية التي تعاني من تراجع شعبيتها، إنها تريد من خلال إصلاح قانون العمل التصدي إلى البطالة المزمنة، عبر تسهيل التوظيف. أما منتقدوها فيرون أن مشروعها الذي يناقشه مجلس الشيوخ حالياً، سيضعف الأمن الوظيفي للموظفين والشبان. ولا تنوي النقابات التي تواجه حكومة متعنتة، أن تعلن استسلامها، وأكدت الاربعاء أنها حصلت على موافقة للتظاهر الخميس، وعلى موافقة لتنظيم تظاهرة جديدة الثلثاء المقبل. واذا كان الرئيس فرنسوا هولاند رفع أخيراً من نبرة خطابه المتعلق بالشأن الاجتماعي وهدد بإلغاء التظاهرات، فإن منع التظاهر كان سيشكل سابقة منذ عقود. ففي 1962، حظرت السلطات تظاهرة من أجل السلام في الجزائر، دعا إليها الحزب الشيوعي بمشاركة نقابة «الكونفدرالية العامة للعمل» وقمعتها بقسوة ما اسفر عن تسعة قتلى. وقد أثار الإعلان السريع عن منع تظاهرة الخميس ردود فعل حادة لدى اليسار الحاكم ولدى اليمين المتطرف. وانتقد البعض ما سماه «إقرار رهيب بالضعف ولا مبالاة الحكومة». وخلال التظاهرة الأخيرة في باريس، هاجم مئات الأشخاص الذين غالباً ما كانوا مقنعين ويحملون هراوات، قوات الأمن بعنف. وقاموا بعمليات تخريب شملت مصارف ومتاجر ومباني رسمية، منها مستشفى للأطفال، وأثاروا استياءً عاماً. وبالإضافة إلى التظاهرة في باريس، من المقرر تنظيم تظاهرات أيضاً في عدد كبير من أبرز المدن الفرنسية. وفي موازاة التظاهرات الخميس، سيشهد يوم التعبئة الجديد توقفاً عن العمل في كل أنحاء البلاد تقريباً. وليس من المتوقع في المقابل حصول ارتباك كبير يعرقل عمل وسائل النقل.