انتفض الشيخ عبدالرحمن البراك وقال كلاماً جارحاً ضد الإعلاميين، ولا يراودني شك في أنه لا ناقة له ولا جمل بما قيل، إذ هو مجرد ناقل لما يردده له أتباعه من أنصار الإسلام المسيّس الذين لا هم لهم إلا زعزعة الاستقرار، فلا شيء سيثنيهم عن حلمهم الأزلي بإقامة «دولة الخلافة الإسلامية»، ولن يتورعوا في سبيل ذلك من استغلال رجل دين جاوز ال «80» من عمره. عندما يقول البراك «إن جنود الشيطان الصحافيين لا يرتضون توجه الستر وإنهم سيثورون ضده»، فهذا «قذف» صريح لكل العاملين في الحقل الإعلامي، وبالتالي فهو اتهام للدولة التي لم تتحرك لإيقافهم عند حدهم. إن هذا الموقف المتشنج للمتشددين ضد الإعلام ناتج عن حقد دفين يحمله هؤلاء بسبب الوقفة القوية والدور الكبير الذي لعبه الإعلام ولا يزال في حربه على الإرهاب، فزعيم الإرهاب في نظر الإعلام هو «الشيخ» في نظرهم، وما يسميه الإعلام «حرب على الإرهاب» يسمونه «حرباً على الإسلام»، ولذا لم أستغرب مثل هذا التصريح على الإطلاق. كان بودي أن يقول شيخنا - عفا الله عني وعنه - إن الموقوفين في قضايا الإرهاب هم في الحقيقة «جنود للشيطان» ولكنه لم ولن يفعل. هل تذكرون - قبل سنوات عدة - عندما وقف مذيع حفلة أهالي القصيم أمام خادم الحرمين الشريفين ومعه طفلان مثل الورد قتل الإرهابيون والدهم وقال على لسان الطفلين: «إن والدنا لم يمت فالذي يذهب فداءً للوطن يبقى حياً في القلوب...»، وعندها انسابت الدموع من عيني ملك البلاد وتركت أثراً بالغاً في النفوس؟ فهل قال أحد المشايخ إن من قتل والد هذين الطفلين هم من جنود الشيطان! أذكر ذات يوم أني التقيت طفلاً قتل الإرهابيون والده، ولا يمكن أن أنسى ما حييت لوعة الفراق التي قرأتها في عينيه، ولم تكن كل لغات الدنيا لتكفي لو أردت أن أصف الحزن والأسى الذي كان يلف حياته وحياة إخوته وأمه، ومع ذلك أتحدى أي أحد يقول إنه سمع أياً من مشايخنا – متشددهم ووسطيهم – قال إن الإرهابيين جنود للشيطان. ولم ينقل لنا الرواة ان شيخنا البراك أو غيره وصف الرجل الذي حاول اغتيال الأمير محمد بن نايف في أفضل ليلة من أفضل الشهور بأنه جندي من جنود الشيطان، بل إن كل ما سمعناه كان شبيهاً بما قاله أحدهم عندما تحدث عن هيلة القصير: «مسكينة الأخت هيلة». وفي السياق نفسه، لماذا لم يقل البراك عن إمام المسجد الذي سرق أموال الضعفاء والأيتام ثم تخلى عن الإمامة والزهد إلى حياة اللهو والمجون بأنه من جنود الشيطان، ولا أظن أنه لا يعرف عن رجل الدين الذي اطلعت أمة الثقلين عبر اليوتوب على فعله المشين مع عاملته الخاصة ومع ذلك لم يقل لا هو ولا غيره إنه من جنود الشيطان. إن جنود الشيطان من الإعلاميين – يا شيخنا الفاضل - هم الذين يواصلون الليل بالنهار لخدمة الوطن وأهله، فعندما ادلهمت الخطوب بعد أحداث أيلول (سبتمبر) وتكالبت الأمم علينا قال الإعلام الوطني كلمته دفاعاً عنه، وعندما أشعلها إرهابيو الداخل وأعلنوها حرباً صريحة كان الإعلام هو السند الرئيس لقوات الأمن الباسلة، وكنا نرجوكم أن تقولوا شيئاً ولكنكم آثرتم الصمت، وعندما شعرتم بالحرج دعوتم بالهداية للمغرر بهم! كما ان الإعلام – ربما بمساعدة من الشياطين - يتحدث عن البطالة والفساد ويكتب عن قضايا المرضى والمعدمين، فهذا هو ما يهم المواطن البسيط الذي لا يعنيه إن لبست المرأة عباءتها على الكتف أو الرأس طالما أنها ستختلي - بمباركة من المتشددين - مع أجنبي داخل السيارة! قبل أيام عدة اتصلت امرآة «لهجتها غانجة» على مهرج فضائي برتبة «شيخ» وطلبت منه أن يتزوجها فتضاحكا وتمازحا بشكل فج لا يمت للحشمة بصلة، فهل يعتقد شيخنا البراك أن هذا الشيخ من جنود الشيطان أم أن لحمه مسموم؟! [email protected]