تتسارع ضغوط دولية وإقليمية لإنضاج تسوية سياسية في السودان، عبر حمل الفرقاء على إنهاء الصراع باتفاق شامل ينهي الحرب ويحقق توافقاً يقود إلى الاستقرار. في الوقت ذاته، أعلنت الخرطوم استعدادها لمرحلة جديدة وهددت بمعاملة المتمردين ك «إرهابيين» في حال رفضوا التوقيع على خريطة للسلام والحوار. وأجرى المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان دونالد بوث، مشاورات مع بعض أطراف المعارضة بشقيها السياسي والعسكري، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، شملت «الحركة الشعبية- الشمال»، و»حركة العدل والمساواة» بزعامة جبريل إبراهيم، و»حركة تحرير السودان» برئاسة مني أركو مناوي، وحزب الأمة برئاسة الصادق المهدي وحزب المؤتمر السوداني بزعامة عمر الدقير. ودعا بوث تحالف قوى «نداء السودان»، إلى الموافقة على خريطة طريق للسلام والمصالحة طرحها رئيس الوساطة الأفريقية للسلام في السودان ثابو مبيكي قبل شهرين، واقترح أن توافق المعارضة على ملحق للخريطة يحوي مواقفها، تضاف للوثيقة التي وقعتها الخرطوم في شكل منفرد مع الوساطة في آذار (مارس) الماضي. وكشف أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «مهتم بتحقيق إنجازات في ملف السلام حول العالم قبل نهاية ولايته» العام الحالي. وأفاد حزب المؤتمر السوداني، في بيان، أن الاجتماعات مع المبعوث الأميركي ناقشت الواقع السياسي بالسودان، فضلاً عن خريطة الطريق التي اقترحتها الوساطة الأفريقية، مؤكداً أن موقف قوى «نداء السودان» لا يزال رافضاً للخريطة في شكلها الراهن، وهو ما تم نقله إلى دونالد بوث. وغابت عن الاجتماعات بعض قوى المعارضة التي ضمت 17 حزباً، بينها الحزب الشيوعي السوداني. وفي الشأن ذاته، أقر القيادي في حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي، بوجود ضغوط لإيجاد تسوية سياسية وإنهاء الحرب في السودان. وكشف عن اقتراحات من الإدارة الأميركية برفع الحصار الاقتصادي حال تمكن السودان من إنهاء صراعاته الداخلية والتعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب في ظرف ستة أشهر. وأضاف أن العملية لم تعد عملية داخلية وأن المبعوث الأميركي استدعى المجموعات الأربع المعارضة للحديث معها حول خريطة الطريق الأفريقية وإنهاء الحرب. وتابع مبارك الفاضل إن الحرب الدائرة بين الحكومة والحركات المسلحة أصبحت لا تقدم ولا تؤخر، وأن العالم عرف بها، وأن استمرارها ليست له أية قيمة سياسية لوصولها السقف النهائي، وزاد: «أصبحت حرب استنزاف يدفع فاتورتها أهل المنطقة والشعب السوداني». وفي المقابل، رجح مساعد الرئيس السوداني ونائبه في حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم محمود أن توقع قوى «نداء السودان» على خريطة الطريق الأفريقية للسلام والحوار بنسبة تتجاوز 99 في المئة بضغوط دولية. وتحدث خلال لقاء مع رؤساء التحرير أمس، عن حملة «وقف الحرب والاتجاه للتنمية»، مؤكداً أن حكومته جادة في وقف الحرب وتحقيق الاستقرار في محيط مضطرب. وقال إن الخريطة الأفريقية للسلام تدعو لوقف عدائيات فوري والدخول في إجراءات لوقف الحرب بصورة شاملة. جوبا تهدد بطرد الأجانب من جهة أخرى، هدد وزير الداخلية في دولة جنوب السودان، الفرد لاد جور، بطرد الأجانب الذين وفدوا من الدول المجاورة. وقال إن «على الدول التي صدرت إلينا الخارجين عن القانون لديها، الاستعداد لاستقبالهم وقريباً جداً سنسجل كل المواطنين في هذه البلاد للتعرف إلى هوياتهم وسوف نحتفظ بأصحاب التخصصات والدرجات العلمية وسنقوم بطرد أصحاب السوابق والمجرمين وتجار الجنس». وأضاف: «لا يوجد بلد في العالم يكون فيه عدد الأجانب أكبر من عدد المواطنين ويوجد بدولة الجنوب ما بين 3 إلى 4 ملايين أجنبي وأنت تجدهم في كل زاوية من زوايا البلاد»، وهدد قائلاً: «سوف نجدهم ومن لا نرغب في بقائه بيننا سوف نطرده خارج البلاد». إلى ذلك قرر القضاة في دولة جنوب السودان، الدخول في إضراب مفتوح اعتباراً من اليوم، على خلفية مطلبهم بإجراء إصلاحات في الجهاز القضائي ودفع بدلات مالية أكثر من ثلاث سنوات. وطالب وزير الإعلام مايكل مكوي لويث، من جانبه، القضاة وأستاذة الجامعات بوقف الإضراب، مؤكداً أن مشكلة رواتب العاملين بمؤسسات الدولة سوف تحل قريباً.