اتهم تقرير لجمعية دولية تهتم بحماية المدنيين في سورية، الأممالمتحدة ب «عدم الحياد» في التعامل مع الحكومة السورية وتفضيل «استمرار التعاون على المبادئ الإنسانية»، في وقت دخل خمسة ملايين لاجئ سوري في دائرة الخطر كون الدول المانحة لم تدفع سوى أقل من ربع المساعدات التي كان وُعد بها في مؤتمر عقد في لندن وقدرها 11 بليون دولار أميركي. وقالت مجموعة «حملة سورية» في تقرير إن الأممالمتحدة «سمحت للحكومة السورية بتوجيه المساعدات إلى الأراضي الخاضعة لسيطرتها»، على حساب وصول المعونات في شكل منتظم لمئات الآلاف من السوريين المحاصرين من القوات الحكومية، معتبرة ذلك «انتهاكاً خطيراً للمبادئ الإنسانية». وتقدّر الأممالمتحدة أن حوالى 500 ألف سوري محاصرون في 18 منطقة في البلاد، معظمهم من القوات الحكومية (يقول معارضون إن عدد المحاصرين يصل إلى مليون). ويقر مسؤولو الأممالمتحدة بانتظام أن حكومة الرئيس بشار الأسد ترفض دخول المساعدات الحيوية إلى المناطق المحاصرة. واتهم تقرير «حملة سورية» الأممالمتحدة بعدم استخدام نفوذها مع حكومة الأسد لإدخال المساعدات لإطعام الناس في المناطق التي تسيطر عليها. واستند التقرير على مقابلات لعاملين سابقين وحاليين في الأممالمتحدة وجمعيات معنية بالمساعدات الإنسانية. وأيّدت أكثر من 50 منظمة سورية التوصيات المقدمة للأمم المتحدة لتفعيل عمليات إغاثية وفق مبادئ العدل والنزاهة في سورية أو سحب التعاون مع الحكومة السورية. وكشف التقرير الذي يضم 50 صفحة بعنوان «الانحياز: خسارة الأممالمتحدة لنزاهتها واستقلاليتها وحياديتها في سورية»، ما وصفه ب «خروقات» الأممالمتحدة في سورية للمبادئ الإنسانية «ما يؤدي إلى خطر تأجيج الصراع» باعتبار أن المنظمة الأممية «سمحت للحكومة السورية بمنع إيصال المساعدات للمناطق خارج سيطرة الحكومة، مما يمكّن الحكومة من استخدام الحصار كسلاح للحرب». وأظهر التقرير أن خوف الأممالمتحدة من إلغاء أذون العمل أو أن يُطلب من موظفيها مغادرة دمشق «أدى إلى القيام بتنازلات غير ضرورية وبعيدة المدى للحكومة السورية من قبل الأممالمتحدة»، منتقداً «ثقافة الامتثال» بين الوكالات الدولية في دمشق وفشل الأممالمتحدة في «وضع خطوط حمراء» لعملها، معتبراً أن ذلك أدى إلى إضعاف قوتها التفاوضية مع الحكومة السورية وسمح للمساعدات الإنسانية بأن تصبح طرفاً في الصراع الدائر في سورية «حيث أن الحكومة السورية متورطة في حصار 99 في المئة من المليون سوري الذين يعيشون تحت الحصار حالياً». ونقل التقرير عن روجر هيرن، الرئيس السابق لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قوله: «كان هناك فشل منهجي في الأممالمتحدة في الاستجابة» لمطالب الحكومة السورية. وحض الموقعون على التقرير، وبينهم ممثلو منظمات عاملة في سورية مثل «الخوذ البيضاء» و «بسمة وزيتونة»، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على «وضع حد» للتنازلات ووضع شروط محددة لعلاقة الأممالمتحدة مع الحكومة السورية في شكل «يهدف إلى حماية المبادئ الإنسانية» أو «سحب التعاون مع الحكومة السورية» لأن انتهاك الأممالمتحدة للمبادئ الإنسانية يجعلها «طرفاً في الصراع». في واشنطن، ندد مدير مفوضية اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أمين عوض ب «فشل جماعي لا بد من تصحيحه» في سورية. وخلال مؤتمر للمانحين نظمته الأممالمتحدة في لندن بداية شباط (فبراير)، وعدت بريطانيا والكويت والنروج وألمانيا بهبات استثنائية تناهز 11 بليون دولار بحلول العام 2020 وذلك لمساعدة نحو 18 مليون سوري من ضحايا الحرب. لكن عوض أورد أن 2,5 بليون دولار فقط تم توزيعها فعلياً، علماً أن الدول المحاذية لسورية وهي تركيا ولبنان والأردن والعراق تنوء تحت عبء اللاجئين. وأضاف المسؤول الأممي الذي حضر إلى واشنطن لعرض القضية أمام المسؤولين الأميركيين، أن «البلدان على خط الجبهة تشعر بخيبة أمل وبأنها مهملة».