شهدت العاصمة الكازاخية انعقاد قمة دول المجموعة الاقتصادية الأوراسية، وأعلن على هامشها تأسيس الاتحاد الجمركي، شاركت فيه ثلاث دول هي روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا. وعقد الاتحاد أول اجتماعاته، على مستوى الرؤساء وكرس لبحث تنفيذ المرحلة الأولى من إنشاء الاتحاد، وتشكيل منطقة جمركية موحدة. ويبدأ العمل بقوانين الاتحاد الجمركي في الدول الأعضاء الثلاث اعتباراً من أمس. ويوحد هذا القانون شروط نقل البضائع بين الدول الأعضاء ومن الدول الأجنبية إليها، في إطار تنظيم جمركي موحد على أراضي دول الاتحاد الجمركي، فيتضمن إلغاء الرسوم الجمركية وغيرها من التدابير لتقييد التجارة بين الدول الأعضاء على السلع كافة تقريباً ضمن المنطقة الجمركية الواحدة. ولكل مشارك في الاتحاد الجمركي، حقٌ في تحصيل الرسوم الجمركية وغيرها من أنظمة التجارة الخارجية مع الدول الأجنبية، على سلعها التي تصدرها إلى الدول الأجنبية. ومنذ بدايته واجه مشروع الاتحاد الجمركي اعتراضات من بيلاروسيا، على اعتبار انه يسلبها عائدات صادراتها للعديد من السلع الروسية، التي كانت تحصل عليها وفق نظام الإعفاء الجمركي الذي كان سارياً في الماضي، وتعيد تصديرها برسوم تحقق لها بلايين الدولارات. وتسبب قرار موسكو بفرض رسوم تصدير على منتجات النفط الروسية التي توردها إلى بيلاروسيا وإلغاء نظام الإعفاء، بخسارة بيلاروسيا نحو 1.8 بليون دولار سنوياً. لذا حاولت حكومة بيلاروسيا التملص من توقيع اتفاقات هذا الاتحاد، وأعلن النائب الأول لرئيس الحكومة فلاديمير سيماشكو، أن بلاده ستقرر مشاركتها في الاتحاد الجمركي استناداً إلى موقف روسيا إزاء الرسوم على النفط والغاز. وردت موسكو بمطالبة مينسك بديون مستحقة على كميات الغاز الروسي التي ورّدت إلى بيلاروسيا، ليتبين في ما بعد أن ديون شركة «غاز بروم» المستحقة نظير مرور الغاز الروسي عبر أراضي بيلاروسيا إلى المستهلك الأوروبي، تفوق الديون التي طالبت بها موسكو بعشرات ملايين الدولارات. ولا تقتصر مشاكل الاتحاد الجمركي على موقف بيلاروسيا، وإنما تشمل اعتراضات جدية من جانب الاتحاد الأوروبي، بحيث اعتبرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون أن الاتحاد الجمركي الذي شكلته كل من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، يمكن أن يضر بالتجارة الدولية، ويصبح تالياً عقبة أمام انضمام هذه الدول إلى منظمة التجارة العالمية، وكشفت عن قلق أوروبي نتيجة إجراءات ينوى الاتحاد المذكور اتخاذها، وتعتبرها أوروبا معرقلةً للتجارة الحرة بدلاً من تطويرها. لا شك في أن ملف الاتحاد الجمركي بين روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا لم يتجاوز عنق الزجاجة بعد، ليس فقط لأنه يحمل في داخله عناصر إفشاله، المتمثلة في تناقض مصالح أعضائه. وإنما لعوامل خارجية قد تجبر أعضاءه على التخلي عنه، لتجنب مواجهات مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية.