لم يكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ليتحمّل وزر حجب موقع «تويتر» في بلاده، لولا أنه توعد ب «اجتثاثه من جذوره»، عشية تنفيذ هيئة الاتصالات قرار محكمة بحجب الموقع، ما سبّب خلافاً بين أردوغان والرئيس عبدالله غل، وأطلق اتهامات لرئيس الوزراء باستغلال أوامر من محكمة للتستّر على شبهات بالفساد تهزّ حكومته، قبل أيام من الانتخابات البلدية المرتقبة آخر الشهر. و»تويتر» من أهم مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر تسجيلات هاتفية منسوبة إلى أردوغان ومقربين منه، تكشف فساداً مالياً ضخماً وتدخّل رئيس الوزراء في كل شؤون الحياة العامة. وأعلنت هيئة الاتصالات التركية في شكل مفاجئ تنفيذ قرار المحكمة بحجب الموقع، بعد قضيتين رفعتهما مواطنة تركية ووزير المواصلات السابق بن علي يلدرم، علماً أن المطلوب في هاتين الدعوتين اقتصر على حجب أربعة حسابات فقط على «تويتر»، اتُهِمت بترويج أخبار كاذبة ومسيئة، لا الموقع بأسره. لكن مدعي عام اسطنبول وبولنت أرينش، نائب رئيس الوزراء، كشفا أن حجب الموقع أتى بأمر إداري، لا بسبب حكم القضاء، في إشارة مباشرة إلى أمر من أردوغان. وتبارى مقرّبون من رئيس الوزراء في محاولة تبرير القرار وتبرئة الحكومة منه ورمي الكرة في ملعب القضاء، إذ لفت وزير الاتصالات لطفي علوان إلى أن القرار «قضائي، لا سياسي»، فيما اعتبر وزير الاقتصاد علي باباجان أن الحكومة اتخذت «مرغمة» هذا القرار، مرجّحاً أن يكون حجب «تويتر» موقتاً. وتحدى أرينش القرار، إذ تابع التغريد على الموقع، واعداً باستئناف خدمته قريباً. وكشفت أزمة حجب موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة في تركيا، «تغريد» أردوغان خارج سرب حزبه وحكومته، بل ورفاق دربه من الساسة، إذ تجنّب هؤلاء دعم القرار، بل أن غل الذي كان استهجن حديث أردوغان عن احتمال حجب موقعَي «فايسبوك» و»يوتيوب»، تحدى قرار الحجب فعلّق من خلال تغريدة على «تويتر» قائلاً: «لا يمكن الموافقة على الحجب التام لشبكات التواصل الاجتماعي، وآمل بألا يستمر الوضع طويلاً». وتعرّض أردوغان لحملة تشهير وانتقاد على وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها «تويتر» الذي كان معطلاً جزئياً. ووصف مستخدمون للموقع حجبه بأنه «انقلاب رقمي»، وقارن بعضهم تركيا بإيران وكوريا الشمالية، كما وُجِّهت دعوات إلى تنظيم احتجاجات. وتبارى آلاف الأتراك، من إعلاميين وناشطين سياسيين، في تحدي قرار الحجب، من خلال الترويج لوسائل يمكن من خلالها الالتفاف على قرار الحجب ودخول الموقع. وانضمت إلى هذه الحملة شركات الاتصالات الخصوصاً التي أبدت تعاوناً استثنائياً مع «تويتر»، من أجل تبادل الرسائل على الهواتف الخليوية بعيداً من الموقع الذي التقى محام يمثله، مسؤولين في رئاسة هيئة الاتصالات التركية. واعتبرت المعارضة أن حجب «تويتر» هو الخطوة الأولى في خطة «ظلام مرعبة» يستعد أردوغان لتنفيذها بعد الانتخابات البلدية، لتصفية جميع المعارضين السياسيين، بحجة «تطهير» أجهزة الدولة من أنصار الداعية فتح الله غولن. وقال ايكان ارديمير، وهو نائب عن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض: «هذا انتهاك لا يُصدق للحقوق الأساسية والحريات. تويتر لم يُمنع حتى في سورية التي تواجه حرباً منذ ثلاث سنوات». وقدّم الحزب ورئيس نقابة المحامين التركية متين فايز أوغلو شكوى أمام القضاء، تطالب بتجميد تنفيذ قرار الحجب الذي أثار ردود فعل شاجبة في العالم. وأشار نائب عن الحزب إلى عزم أبرز فصائل المعارضة رفع شكوى ضد أردوغان، تتهمه بانتهاك الحريات الشخصية. كما حذرت جمعية رجال الأعمال الأتراك من خطر تقييد الحريات في تركيا على الديموقراطية. على صعيد آخر، أعلنت أجهزة الأمن التركية أن المنفذين الثلاثة للهجوم على حاجز وسط الأناضول قبل يومين، وأدى إلى مقتل 3 أشخاص، هم من كوسوفو والبوسنة وينتمون إلى تنظيم «القاعدة». لكن شهوداً أكدوا أن المهاجمين كانوا يتحدثون العربية، فيما أوردت وسائل إعلام تركية أنهم جاؤوا من سورية، مرجّحة أن يكونوا من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). من جهة أخرى، دعا زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان من سجنه إلى إقرار «إطار قانوني لعملية السلام» مع الحكومة، بعد مرور سنة على هدنة أعلنها.