عادة ما تتلازم مع بداية أيام شهر رمضان بعض العادات والسلوكيات المزعجة كالعصبية وسرعة الغضب والانفعال، ومن الممكن أن تزداد عن حدها الطبيعي ولربما وصلت لإبطال الصيام جرّاء ردود الأفعال المبالغ فيها تجاه بعض المواقف المعتاد عليها خلال الأيام العادية، وتتفشى في نهار الصيام بأيامه الأولى كثرة المشاحنات بين الناس حتى لأتفه الأسباب، وعندما تسأل عن السبب يردونه إلى الصيام على رغم أن الصيام براء مما هم فيه من مزاج سيئ وحال عصبية، والحقيقة أن الاعتياد على ممارسة بعض العادات الخاطئة خارج أيام رمضان هي السبب الرئيس لكل هذه السلوكيات المزعجة. أسباب عدة ولكل «صوت مرتفع» و«غضب عارم» و«مزاج سيئ» و«ردة فعل غير متطابقة مع الفعل» سبب، بين الحرمان المفاجئ لعادة ملازمة للشخص كشرب القهوة بشكل يومي يؤدي إلى إدمانه على شرب المنبهات التي تحوي مادة «الكافيين»، إذ إن الانقطاع المفاجئ عن تناولها حسب المعلومات الطبية يؤدي إلى الشعور بالإجهاد والنعاس والعصبية وتقلب المزاج.. خصوصاً إذا استمر الانقطاع عن شرب الكافيين لمدة 18 ساعة قد يتطور الأمر ليصاب بالصداع الشديد، ويأتي تدخين السجائر والذي يعاني الكثيرون من التوقف المفاجئ عنه، ما ينتج الكثير من الآثار التي تكون ظاهرة على المدخن، ومن الأسباب المهمة تغيير النظام الغذائي لدى البعض الآخر والذي قد يكون مؤثراً مباشراً على المزاج والسلوك والحال الصحية أيضاً، ومنها «نقص الماء» الذي أثبت من الناحية العلمية أن نقص نسبة المياه والجلوكوز في الدماغ هي من الأسباب التي تؤدي إلى العصبية الشديدة، خصوصاً عندما تقل نسبه الماء في الجسم فيبدأ الإنسان بالشعور بالتوتر ومن ثم الغضب والانفعال. .. فالاختبار الأكبر في الشهر الكريم وخصوصاً في فرض الصيام، هو التغلب على العصبية والصبر والاحتمال على شدة الحر وضغوط اليوم المعتادة مع التخلي عن كل العادات السيئة التي كانت تلازم الشخص طوال العام، «رمضان» فرصة لولادة جديدة، بعادات جديدة وأيام جديدة خالية من كل ما يشوب النفس، إذ وصانا الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم بالبعد عن كل ما قد يجرح الصوم، ابتداءً من الغضب وقال: «لا تغضب.. لا تغضب.. لا تغضب»، ولا أن يستشعر الشخص عظمة الاختبار الصعب في السيطرة على الأعصاب، خصوصاً في أيامه الأولى والتي يصعب على الكثيرين الإمساك بزمام الأمور فيها. ولا شك أن المسلم مطالب بأن يكون حسن الخلق في كل وقت وحين، لكننا في رمضان مدعوون إلى مزيد من تهذيب النفس إلى جوار الأعمال الفاضلة الأخرى، خصوصاً أن شهر رمضان هو مدرسة الأخلاق وكما فيه صبر على الجوع والعطش فيه صبر على الإساءة تتجلى في قول الرسول صلّى الله عليه وسلمّ في حثه على الأخلاق: «فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم».