رغم تجربتها في تلفزيون «المستقبل» إلا أن قناة «العربية» شكلت الفرصة الأكبر أمام نجوى قاسم لإظهار قدراتها الإعلامية إن مراسلةً أو محاورةً ومقدمة برامج إخبارية، فضلاً عن بروزها في التغطية الميدانية في العراق ولبنان اللذين لطالما كانا على مدى السنوات الماضية على موعد مع مخاضات دموية وتغييرات عنيفة... حتى انها نجت من الموت بأعجوبة إثر تفجير مكتب «العربية» في بغداد، ما انعكس على تكريس حضورها كمقدمة أخبار أساسية ملمة بخلفياتها ومعايشة وقائعها لا سيما المأسوية منها ولتتولى تقديم برنامج «نهاية الأسبوع» الإخباري البعيد من الرتابة والنمطية. عن الابتسامة التي تميزها عند تلاوة الأخبار، وهل إنها محاولة للتغلب على بشاعات تلك الأخبار تقول: «استنتاج صحيح نسبياً، فمع كل خبر من أخبار العنف ومع كل مشهد يجسد هذا العنف الممتد على مساحة واسعة من منطقتنا أفكر بالعائلات التي تشاهدها، الكبار منهم والصغار وانعكاس ذلك في دواخلهم نفسياً وعصبياً. فنحن الذين نعمل في هذا المجال نمر بأيام تكون الأحداث فيها عصيبة، ونشعر خلالها بأننا منهكون ومحبطون، ونعد الدقائق كي تنتهي نشرة الأخبار التي نقدمها وينتهي معها كابوس تلك الأخبار والمشاهد. لكن هناك دائماً غد، وهذا الغد يجب أن نبقي على إيماننا بأنه أفضل، وبالنسبة إلي الوسيلة الأصدق والأبسط والأقرب إلى القلب التي أستطيع أن أعبر من خلالها عن هذه الأفكار هي الابتسامة». «نهاية الأسبوع»، هو في شكل أو في آخر، نشرة في قالب برنامج أسبوعي ألا تطمح قاسم لبرنامج أكثر تحديداً وتخصصاً من طينة البرامج السياسية والحوارية؟ تجيب: «ربما ينطبق هذا الوصف في شكل نسبي على «نهاية الأسبوع» قبل عام أو أكثر، ولكن في الواقع نحن نعمل في شكل أسبوعي على تطويره وتطوير مضامينه، مثلاً عبر التركيز على كل موضوع من المواضيع التي نتناولها من جوانبه كافة، ويتطلب هذا عدداً من التقارير، وفي غالب الأحيان عدداً من الضيوف أيضاً لنعطيه حقه. ومن جهتي فأنا لا أطمح الى البرنامج الحواري السياسي، ليس لأنه غير مهم بالعكس طبعاً، ولكن ربما لأني أميل أكثر إلى برامج سريعة الوتيرة نسبياً والتي تتضمن معلومات إضافة الى التحليلات، وبالطبع تحتفي بالصورة التي هي رمز التلفزيون وروحه أولاً وأخيراً. ولطالما تابعت البرامج الحوارية السياسية والإخبارية كافة في المحطات العالمية وما زلت، وأحاول التعلم منها ومحاكاتها في برامجنا، وقد حصلت على هذه الفرصة في «نهاية الأسبوع» وأعمل على استثمارها ويهمني ألا أكون محصورة في الشق السياسي من الأحداث، لأن تجربتي علمتني أن حوادث كثيرة يمكن أن تكون أهم وأكثر متابعة بالنسبة للمشاهد». عايشت نجوى لحظات الموت في بغداد التي شكلت الى جانب بيروت ودبي محطات فارقة في مسيرتها فماذا يعلق في ذهنها من ذكريات وخلاصات والى أي حد تشدها الأمكنة التي تعمل فيها بمعنى التعلق بها والوفاء لها؟ تقول: «مهما تكن صعوبة وقسوة المواقف التي تمر بهما في هذه المدينة أو تلك، هناك دوماً الكثير من اللحظات الجميلة التي لا تنسى وتصبح ثروة ذكريات رائعة. التغطيات التي قمت بها في مدن ومناطق عدة خلقت في داخلي مخزوناً إنسانياً هائلاً، فالعلاقة مع الناس في أي بلد تبقى أهم من أي كتاب تقرأه لتفهم ما يجرى. هناك بعد خاص في العلاقة المباشرة مع الناس ومعايشة همومهم لا يمكن أن تحصل عليه من القراءة والمتابعة الإخبارية فقط. بغداد بالنسبة لي هي النموذج الأهم بهذا المعنى، فعلى رغم أنني عشت فيها أصعب لحظات حياتي وخرجت منها وأنا أنظر يميناً ويساراً ومن خلفي وأمامي وأحاول أن أتنبه لأي صوت، لكثرة المخاطر والتهديدات التي واجهتنا هناك، ولكن مع ذلك بغداد وتجربتي فيها أعطتني ما لم تعطني إياه أي تجربة أخرى في حياتي المهنية. إن لناحية المصداقية أو الشهرة أو البعد الاحترافي أو الخبرة. أتمنى زيارتها من جديد ولو أنني ما زلت لا أملك الشجاعة الكافية لذلك بعد ما مررت به فيها».