في واحدة من أهم العمليات الأمنية الاستباقية في ملاحقة المجموعات الإرهابية والتكفيرية، تمكنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في لبنان من توقيف اللبناني «م. غ.»، المخطط الأول لتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرية في العديد من المناطق اللبنانية. وعلمت «الحياة» من مصادر سياسية واسعة الاطلاع، بأن المخطط هذا أوقف في صيدا في أوائل أيار (مايو) الماضي وكان تردد أكثر من مرة إلى سورية وأقام في إحدى زياراته في الرقة (معقل تنظيم داعش) لمدة ثلاثة أشهر. وتبين من خلال التحقيق معه أنه حضر إلى لبنان في أوائل العام الحالي مرسلاً من قيادة «داعش» في الرقة بعدما خضع لتدريب على تجهيز الأحزمة الناسفة والعبوات على يد خبراء. كما تبين أن من تولوا تدريبه هم أنفسهم الذين دربوا المجموعات التي نفذت عمليات انتحارية وإرهابية في برج البراجنة (الضاحية الجنوبية لبيروت) وفي باريس وبلجيكا. وكشفت المصادر نفسها أن الموقوف هو جزء من مخطط تدميري كبير ينتمي إلى «داعش» ويعتبر من أكثر المتشددين تطرفاً. وقالت إنه أوقف وهو في بداية التحضير، بطلبِ مَن أشرف على تدريبه، لاستهداف مطاعم ومقاهٍ يرتادها في العادة أجانب، خصوصاً من الذين يحملون جنسيات أميركية وأوروبية، إضافة الى استهداف الضاحية الجنوبية. وأكدت المصادر أن المخطط هذا كان استأجر منزلاً خاصاً به في صيدا ليكون في وسعه تجهيز العبوات والأحزمة الناسفة بعيداً من أقاربه وأيضاً لاستقبال من يرسلهم إليه «داعش» ليكونوا في عداد منفذي العمليات الإرهابية. ولفتت إلى أنه لم يكن على علم بالمنفذين الذين يرسلهم إليه «داعش» الذي قرر منذ فترة إعادة النظر في أسلوبه، لجهة إرسال هذا النوع من المنفذين الذين يتعرف إليهم هذا المخطط لاحقاً، تفادياً لعدم وقوعهم في قبضة الأجهزة الأمنية اللبنانية التي نجحت في تسديد ضربات استباقية مهمة لعناصر «داعش»، بمن فيهم عناصر الخلايا النائمة. وأشارت الى أن الموقوف كان استطلع أماكن عدة في الضاحية وعلى طول الطريق الدولية التي تربطها بالجنوب، وقالت إن شعبة المعلومات تمكنت من توقيف أشخاص يفترض أنهم في عداد فريق التنفيذ وبعضهم لم يتعرف إليهم من قبل. وقالت إن من بين الموقوفين، وعددهم سبعة لبنانيين وسوريين، مَن كان يتولى توفير المال له وبعض الأمور اللوجيستية والمواد التي يستخدمها لتجهيز الأحزمة الناسفة والعبوات. كما أن من بين الموقوفين اثنين يتوليان بيعه السلاح على رغم أنهما لم يكونا يعرفان أنه ينتمي إلى «داعش». وكانت شعبة المعلومات حرصت على إحاطة توقيفه بسرية تامة، وعلى عدم تسليط الضوء الإعلامي عليه، لأن ما يهمها، كما تقول مصادر أمنية، الوصول إلى نتائج أمنية من خلال التحقيقات التي تجريها مع الموقوفين. لكن ما لبث أن تم التداول بتوقيف المخطط هذا، وإنما بعد أكثر من شهر على توقيفه، وكانت الشعبة تتعامل بطريقة أمنية احترافية وليست إعلامية، إلى أن سرّب الخبر قبل ثلاثة أيام، لأن ما يهمها، من خلال السرية التي مارستها على نفسها، عدم خلق حالة خوف لدى المواطنين ومواصلة دورها في تفكيك الشبكات الإرهابية أثناء التحضير لتنفيذ عمليات تفجيرية أو انتحارية.