كشف وزير الداخلية والبلديات اللبناني نهاد المشنوق بأن الانتحاريين اللذين فجرا نفسيهما في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت كانا ينويان تنفيذ عمليتهما الانتحارية في داخل مستشفى «الرسول الأعظم» الذي يبعد أكثر من 200 متر عن مسرح الجريمة التي استهدفها التفجير الإرهابي، لكن الإجراءات الأمنية المحيطة بالمستشفى أجبرتهما على تغيير هدفهما والتوجه إلى منطقة مكتظة بالسكان بعد معاينتهما لها. وقال المشنوق في مؤتمر صحافي عقده ظهر أمس في المقر العام لقيادة قوى الأمن الداخلي في حضور المدير العام اللواء إبراهيم بصبوص ورئيس «شعبة المعلومات» فيها العميد عماد عثمان أن هناك قراراً كبيراً بالتفجير، وتبين من مراجعة التحقيق أن مرتكبي الجريمة كانوا ينتظرون خمسة انتحاريين وأن هؤلاء المجرمين الراغبين بدخول مستشفى مليء بالجرحى وبالطاقم الطبي وأهالي المرضى لا ضمير لهم ولا عقل يمنعهم من استهدافه بكل ما ترمز إليه صفاته الإنسانية. وأشاد المشنوق بالإنجاز الاستثنائي ل «شعبة المعلومات»، وقال: «لن نتوقف عن ملاحقة الإرهابيين من أي جهة أتوا، وأن اللبنانيين أثبتوا أن لا بيئة حاضنة لهذا الإرهاب. وأكد أن ما حصل في برج البراجنة يستدعي التواضع والاهتمام بالخريطة اللبنانية للبحث عن حلول لأن لبنان ليس على الخريطة الدولية ولا ضمن اهتمام العالم». ولفت إلى أن الموقوفين من غير الانتحاريين هم تسعة، 7 سوريين ولبنانيان وقال إنهم توزعوا ما بين مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين وفي شقة في الأشرفية كان يتم فيها تحضير الأحزمة الناسفة. وأضاف: «أن أحد اللبنانيين أوقف في طرابلس وكان يستعد لتفجير نفسه في منطقة جبل محسن (غالبية سكانها من العلويين) بالتزامن مع التفجير الذي استهدف برج البراجنة. بينما أوقف الثاني في البقاع الشمالي (علمت - «الحياة» - أنه من بلدة اللبوة) وأوكل إليه من قبل «داعش» تحضير الإجراءات اللوجستية لتأمين انتقال الانتحاريين من سورية إلى داخل الأراضي اللبنانية. وفي التفاصيل علمت «الحياة» أن القوة الضاربة في «شعبة المعلومات» دهمت منزلاً في جونيه (جبل لبنان) وأوقفت أحد أعضاء الشبكة الذي تبين من خلال التحقيقات الأولية بأنه كان يؤوي إبراهيم ج. من حين لآخر الذي أوقف فجر الخميس الماضي في طرابلس من قبل «المعلومات» وكان يحمل حزاماً ناسفاً ومسدساً وقنبلة يدوية وأن عطلاً تقنياً حال دون تفجير الحزام في عناصر الدورية التي أوقفته. ولم تستبعد مصادر أمنية بارزة أن تكون له علاقة بالعبوة التي اكتشفها الجيش في «حي الأميركان» في جبل محسن ومعها ساعة توقيت لتحديد موعد تفجيرها بالتزامن مع قيام هذا الموقوف بتفجير نفسه بالحزام الناسف لحظة تجمع الأهالي في المكان المحدد لانفجار العبوة. كما لم تستبعد أن يتم تفجير العبوة وأيضاً تفجير إبراهيم ج. نفسه بالحزام الناسف بالتزامن مع التفجير الإرهابي في برج البراجنة.وكشفت المصادر نفسها أن هذا الموقوف كان أمضى في منطقة الرقة في سورية أكثر من شهرين وعاد بعدها إلى طرابلس بعد أن أخضعه «داعش» لدورة تدريب «شرعية» وأخرى نفسية للتأكد من أنه الشخص «المؤهل» للقيام بعملية انتحارية ولن يتردد فور تكليفه بها. وأكدت أنه بادر إلى عزل نفسه فور عودته من الرقة، رافضاً التعاطي مع أصدقائه وأفراد عائلته الذين شكوا من عزلته، وحاولوا استيعابه من خلال إقناعه بعدم القيام بأي عمل يدينه الإسلام، ولا يمت إلى تعاليمه بصلة. وهذا ما كشفه شقيقه لدى الاستماع إلى إفادته قبل أن يخلى سبيله بناء لإشارة من النيابة العامة التمييزية. وفي هذا السياق تتواصل التحقيقات الأمنية مع هذا الموقوف من قبل قسم التحقيق في «المعلومات» بإشراف القضاء المختص للتأكد مما إذا كان المخطط التفجيري الذي كان ينوي القيام به، يلحظ وجود انتحاري آخر يفجر نفسه بعد وقوع الانفجارين في جبل محسن. ولم يظهر الموقوف حتى الساعة أي تجاوب. ولا يبدي تعاوناً مع قسم التحقيق. ويصر على الكتمان ما يعني أنه أخضع في الرقة إلى عملية «غسل دماغ» وإلى تدريب خاص يتعلق في كيفية تعاطيه مع التحقيق في حال اعتقاله. وبالنسبة إلى السوريين الثلاثة الذين أوقفوا في دهم القوة الضاربة لمخيم برج البراجنة قالت المصادر نفسها إنه كان في الغرفة أثناء دهمها سبعة سوريين تبين من خلال التحقيقات الأولية أن لثلاثة منهم علاقة بالتفجير الانتحاري وهذا ما ظهر من خلال مصادرة عدد من الهواتف الخليوية يعود واحد منها إلى أحد الانتحاريين في برج البراجنة. ولم تستبعد مصادر أخرى كانت واكبت التحقيقات الأولية أن يكون قد طلب من أحد الانتحاريين أن يفجر نفسه فور حصول الانفجار في داخل مستشفى «الرسول الأعظم» بعد أن يندس بين المسعفين والأهالي الذين يسارعون إليه للاطمئنان على أقاربهم وأصدقائهم. ولم تستبعد أيضاً أن يكون الانتحاري الذي وجدت جثته على الأرض من دون أن ينفجر الحزام الناسف الذي كان في حوزته، هو من ركن الدراجة النارية التي انفجرت في مسرح الجريمة وبداخلها ثلاثة أحزمة ناسفة وربما أكثر. وفي خصوص توقيف اثنين من الشبكة الإرهابية في الأشرفية قالت هذه المصادر بأن شعبة «المعلومات» تمكنت من توقيفهما رغم أنهما لم يستعملا هاتفيهما الخليويين للتواصل بأعضاء من الشبكة نفسها وهذا ما اعتبرته إنجازاً مهماً في ملاحقة أفراد المجموعة وتوقيفهما. وأكدت أن هذين السوريين كانا يقيمان في شقة مستأجرة من قبل شخص آخر منذ نحو شهرين وأنهما كانا يقومان بتنظيفها لمحو آثار الجريمة. وقالت إن السوري السابق أوقف من قبل «الأمن العام» الذي سيبادر إلى تسليمه لشعبة المعلومات فيما أوقف الجيش سورياً يعتقد أنه وراء التفجير الأخير الذي استهدف «هيئة علماء القلمون» في عرسال البقاعية. وتابعت المصادر: أن المدعو «أبو وليد» المقيم في الرقة، هو الذي يشرف على تشغيل الانتحاريين وأن تزويدهم بالأحزمة الناسفة يتم من قبل عناصر الشبكة الإرهابية الموقوفين حالياً، الذين يقومون بجمعها وتركيبها وأن جميع موادها من صنع محلي. ورأت المصادر أيضاً أن توقيف اللبناني من اللبوة على خلفية قيامه بتهريب الانتحاريين إلى داخل لبنان بات يستدعي الإسراع في تطبيق الخطة الأمنية في البقاع الشمالي لأن من يتعاطى في التهريب والاتجار بالمخدرات والخطف لا يتوانى عن تسهيل انتقال الانتحاريين مقابل مبالغ مالية.