استقال محمد علوش كبير مفاوضي وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارضة مساء الأحد من منصبه متحدثاً عن فشل محادثات السلام غير المباشرة في جنيف بجولاتها الثلاث مع استمرار المعارك وعدم إحراز تقدم في الملف الإنساني. وتأتي استقالة علوش بعد أيام من إبلاغ مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن إنه لا ينوي استئناف المفاوضات قبل أسبوعين أو ثلاثة. وقال علوش في بيان نشره على حسابه على تويتر: «لم تكن التجربة التي مرت بها المفاوضات في الجولات الثلاث ناجحة بسبب تعنت النظام واستمراره في القصف والعدوان على الشعب السوري وعدم قدرة المجتمع الدولي على تنفيذ قراراته خاصة في ما يتعلق بالجانب الإنساني من فك الحصار وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة والإفراج عن المعتقلين والالتزام بالهدنة» السارية منذ 27 شباط (فبراير) برعاية روسية أميركية. وأضاف: «وحيث إني (..) كنت مصراً مع زملائي في الهيئة والوفد على عدم التنازل عن ثوابت الثورة بتحقيق انتقال سياسي لا وجود لبشار الأسد ورموز نظامه فيه وبيّنت أكثر من مرة أن المفاوضات إلى ما لا نهاية هي ضرب من العبث بمصير هذا الشعب، فإني أعلن انسحابي من الوفد وقدمت استقالتي للهيئة من منصب كبير المفاوضين». وعلوش الذي عين كبيراً لمفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات في كانون الأول (ديسمبر)، ينتمي إلى «جيش الإسلام» الفصيل النافذ في الغوطة الشرقية لدمشق. ويعد «جيش الإسلام» من أبرز الفصائل الموقعة على اتفاق وقف الأعمال القتالية. ويتهمه ناشطون معارضون بالتورط في خطف ناشطين حقوقيين في دوما، وهو ما ينفيه. وتضم الهيئة العليا للمفاوضات أطيافاً واسعة من المعارضة السورية السياسية والمسلحة، وكانت علقت مشاركتها في آخر جولة مفاوضات في نيسان (أبريل) الماضي احتجاجاً على تدهور الوضع الإنساني وانتهاكات تتهم بها قوات النظام لاتفاق وقف الأعمال القتالية. ولم تحقق جولات المفاوضات الثلاث والتي بدأت في نهاية كانون الثاني (يناير) أي تقدم ملحوظ، وهي تصطدم دائماً بتمسك طرفي النزاع بمواقفهما حيال مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. وتطالب المعارضة بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مشترطة رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما يصر الوفد الحكومي على أن مستقبل الأسد ليس موضع نقاش في جنيف مقترحاً تشكيل حكومة وحدة موسعة تضم ممثلين عن المعارضة «الوطنية» وعن السلطة الحالية. وتعليقا على استقالة علوش، اعتبرت جوزيفين غيريرو المتحدثة باسم دي ميستورا أنها «مسألة داخلية في الهيئة العليا للمفاوضات». وأضافت: «نتطلع لمواصلة العمل مع كافة الأطراف لضمان تقدم العملية» السياسية. أما الخبير في الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط للدراسات تشارلز ليستر فاعتبر أن استقالة علوش قد تكون بمثابة إنذار لنهاية المفاوضات. وبحسب ليستر فإن هذه الاستقالة قد تؤدي إلى انسحابات أخرى من بينها رئيس وفد الهيئة اسعد الزعبي. وانشق العميد الزعبي في آب (أغسطس) العام 2012 وفر إلى الأردن. لم يشارك في العمليات العسكرية مباشرة على الأرض، بل عمل كمستشار لفصائل مقاتلة في درعا ودمشق والقنيطرة. وقال ليستر: «قد تكون هذه طريقة جيش الإسلام للقول إن مفاوضات السلام باتت على شفير الانهيار». وأشار إلى أن «الفصائل المسلحة تهدد منذ مدة بالانسحاب من المفاوضات»، مضيفاً: «في حال لم يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد حلول لتحسين الأوضاع ميدانياً، فإن انسحاب فصائل معارضة أخرى سيصبح أمراً محتوماً». وكانت فصائل مقاتلة عدة بينها «جيش الإسلام» أعلنت الشهر الجاري أنها تفكر بالانسحاب من العملية السياسية التي وصفتها بأنها «عقيمة»، وهددت باعتبار اتفاق وقف الأعمال القتالية «بحكم المنهار تماماً» إذا لم تتوقف هجمات قوات النظام.