رغم الإعلان الأميركي عن أن قتل الملا أختر منصور زعيم «طالبان» السابق كان بسبب وقوفه عثرة أمام السلام في أفغانستان، فان الرئيس باراك أوباما أعرب عن شكه في أن تقدم الحركة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية الحالية. كما أن جهود واشنطنوكابول في شق صفوف «طالبان»، لم تثمر حتى الآن عن انشقاق يعول عليه، يضمن إبعاد الحركة عن عملها العسكري أو هدفها في إطاحة لحكومة الأفغانية الحالية. الجناح المنشق عن «طالبان» بزعامة الملا محمد رسول أعلن بدوره استعداده للجلوس إلى طاولة المفاوضات لكن ليس مع الحكومة الأفغانية الحالية، مشترطاً كذلك خروج القوات الأجنبية كاملة من أفغانستان وتطبيق الشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياة، بحسب قول نائب زعيم المنشقين الملا عبد المنان نيازي. وهو رأي لا يختلف مع موقف «طالبان» تحت قيادة منصور أو خلفه هبة الله أخندزادة. وراهنت الحكومتان الأفغانية والأميركية الصيف الماضي، على انقسام «طالبان» بعد الإعلان رسمياً عن خبر وفاة الملا محمد عمر والخلاف بين قيادات الحركة على تولي اختر منصور، لكن الأخير نجح خلال عشرة أشهر مضت في استقطاب كثير من مخالفيه، حتى أن محمد رسول زعيم الجناح المنشق، أرسل رسالة إلى «شورى طالبان» قبل شهرين يتحدث فيها عن مصالحة داخل الحركة وعودته هو ومن معه. ومع انتخاب الملا هبة الله من دون مشاكل ومبايعته من أعضاء «الشورى القيادية لطالبان» كافة، وموقف هبة الله الصارم من ناحية شرعية تجاه الحكومة الأفغانية أو الانشقاق، فإن إمكان عودة اللحمة إلى الحركة تبدو أكثر احتمالاً من إمكان لجوء الجناح المنشق إلى مفاوضات مع الحكومة الأفغانية التي تعرف بدورها أن الجناح المنشق ليس له ثقل عسكري وتأييد شعبي في أفغانستان. وقال ل «الحياة» الملا وكيل أحمد متوكل وزير خارجية «طالبان» السابق الذي يعيش في كابول حالياً: «لا يوجد متشدد ومعتدل في صفوف طالبان، الكل يقف خلف مطلب تطبيق الشريعة الإسلامية، وأنا حين كنت وزيراً للخارجية وحتى الآن لا يزالون يقولون عني إني من جناح المعتدلين، ولكن مطالبي وأنا خارج الحركة أو مطالب جميع من يوصفون بالمتشددين أو المعتدلين لم تختلف عن مطالب الملا محمد عمر أو ملا اختر منصور أو غيرهم من قيادات طالبان، وهي الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية والتطبيق العملي للشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياة في أفغانستان، وكل من يعول على فرد أو فئة من طالبان للنزول عن هذه المطالب إنما يتعلق بسراب». والتغيير في قيادة «طالبان» وإن أتى بعد غارة أميركية استهدفت الملا أختر منصور، فإنه لا يحمل أي تغيير في مواقف الحركة، وفق قول الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد، الذي أشار في رسائل على شبكات التواصل الاجتماعي إلى أن تغيير القيادة لا يعني تغييراً في سياسة الحركة، المبنية على أسس القرار الجماعي لمجلس القيادة العليا والعلماء وليس على رأي زعيم الحركة فحسب.