أعلنت حركة «طالبان» الأفغانية بدء «هجوم الربيع» الذي تشنه سنوياً ضد القوات الحكومية والأجنبية المساندة لها، ما يمثل نعياً للجهود التي تبذلها كابول من أجل إقناع الحركة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، والسعي إلى حل سلمي للصراع، وهو ما دعا إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال زيارته المفاجئة لكابول السبت الماضي. كما يعني الإعلان أن الجيش الأفغاني سيواجه موسماً ثانياً من المعارك بلا دعم مباشر من قوات الحلف الأطلسي (ناتو). وأورد بيان الحركة: «سيشن استشهاديون هجمات واسعة على مواقع معادية في أنحاء البلاد في إطار عملية عمر»، نسبةً إلى زعيمها الراحل الملا محمد عمر الذي أعلنت وفاته في تموز (يوليو) الماضي، ما أوقع خلافات في صفوفها. وتسعى قيادة «طالبان» عبر سلسلة العمليات الجديدة التي بدأت فجر الثلثاء، وشملت قتل عنصر من قوات حرس الحدود خمسة من زملائه على الأقل في منطقة سبين بولداك في ولاية قندهار (جنوب) المحاذية للحدود مع باكستان، إلى تأكيد قوتها بعد تلاحم صفوفها وعودة غالبية الأجنحة المنشقة ومبايعتها الملا محمد أختر منصور زعيماً، وأهمها جناح الملا محمد رسول. وأكدت الحركة تصميمها على مواصلة قتال الحكومة التي تتهمها بالعمالة للأميركيين، ومواصلة سعيها إلى إنشاء حكومة تطبق أحكام شريعة الله، كما أراد مؤسسها الملا عمر. وتنبأت الحركة بانتصارات ستؤدي إلى إخراج القوات الأجنبية من البلاد، وانتزاعها مزيداً من الأراضي من القوات الحكومية، وإنهاء الإدارة الفاسدة. وكانت الحركة سيطرت على مناطق في ولاية هلمند (جنوب) الإستراتيجية في الأسابيع الأخيرة، ما حتم إرسال الولاياتالمتحدة وبريطانيا مستشارين عسكريين لدعم عمليات الجيش الأفغاني في الولاية. كما سيطرت على مدينة قندوز إحدى أهم مدن الشمال قبل أن تنسحب منها بضغط من القوات الحكومية والأميركية. وصرح الناطق باسم وزارة الداخلية صدّيق صديقي بأن «طالبان تريد إثبات أنها ما زالت موجودة. ومنذ سقوط نظامها قبل 14 سنة، لم تحقق أهدافها ولا تسمح لنا بتحقيق أهدافنا». لكن المحلل السياسي هارون مير حذر من سنة قد تكون الأسوأ في أفغانستان على صعيد حجم العنف وسفك الدماء. ويرى محللون آخرون أن القوات الحكومية غير قادرة على خوض كل المواجهات، علماً أن الجنرال تشارلز كليفلاند، الناطق باسم «الأطلسي»، أعلن أن حوالى 5500 جندي وشرطي أفغاني قتلوا العام الماضي، ما دفع مسؤولين أفغان إلى مطالبة الجيش الأميركي بإبطاء وتيرة سحب قواته ال9800، علماً أن الرئيس باراك أوباما يريد خفض هذا العدد الى 5500 بحلول عام 2017. ويجري القائد الجديد لقوات «الأطلسي» الجنرال الأميركي جون نيكلسون، «تقويماً» لوتيرة الانسحاب، كما أعلن أمام مجلس الشيوخ أخيراً. وقد يقترح حفاظ واشنطن على وجود عسكري أكبر مما كان متوقعاً.