أبدت مجموعة منشقة عن حركة «طالبان» في أفغانستان استعدادها لإجراء محادثات سلام مع الحكومة ودعمها لحقوق المرأة، لافتةً الى أنها ستسمح للنساء بالتعلم والعمل. وبدا الانقسام واضحاً أخيراً بين قيادات الحركة، لا سيما بعدما أعلن فصيل جديد انشقاقه، واختار الملا محمد رسول زعيماً له، في تحد لزعيم الحركة الجديد الملا أختر منصور، الخليفة الرسمي للملا عمر، ونشبت معارك بين الطرفين أدت الى مقتل العشرات. وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن التصاعد الكبير في وتيرة الانشقاقات، مستندة إلى انشقاق جماعة يتزعمها محمد رسول تحاول أن تظهر بمظهر الجماعة المتوازنة، والداعية إلى محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية. وأعلن قيادي في التنظيم المنشق حديثاً عن استعداد تنظيمه لإجراء محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية، وعن دعمه لقضايا المرأة وحقها في التعليم والعمل، ومساواتها بالرجل. وقالت الصحيفة إن التصريحات التي ادلى بها نائب زعيم الجماعة المنشقة عبدالمنان نيازي ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) تعد انشقاقاً جوهرياً عن فكر حركة «طالبان»، إذ لم يكن متوقعاً أن يخرج من هذه الحركة من يناصر حقوق الإنسان والمرأة. واتهم نيازي زعيم حركة «طالبان» الجديد الملا منصور بقتل الملا عمر، لكنه لم يعط أدلة على ذلك، كما ادعى أن جماعته ترفض العمليات الانتحارية وأي عمل ضد القوات الأفغانية والمدنيين، وندد بما سماه «انتقام الأفغان من بعضهم بعضاً». واستطرد نيازي قائلاً: «إن كل العمليات التي يقوم بها الملا منصور، وخصوصاً في مدينة قندوز، تهدف إلى زيادة قوته وبسط سيطرته وتحقيق طموحاته الشخصية»، مضيفاً: «هذا يكفي، دعونا نبحث عن سبب القتال في أفغانستان ونحاول منعه». إلا أنه اشترط خروج القوات الأجنية للبدء بأي محاثات سلام. وقالت الصحيفة الأميركية إن عدداً من قياديي الحركة ابتعدوا عن مركز القيادة واتجهوا إلى إقليم كويته في باكستان، للحصول على الدعم والتحضير لعمليات خاصة بهم، فيما انضم آخرون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وأعلنت السلطات الأفغانية ان معارك ضارية تدور في جنوب شرقي البلاد بين فصيلين تابعين لحركة «طالبان» اوقعت عشرات القتلى. وقال الناطق باسم حاكم الولاية، اسلام غول سيال، ان «المواجهات بين المجموعتين بدأت السبت ولا تزال متواصلة»، مشيراً إلى أنها اوقعت 53 قتيلاً في صفوف الفصيل المتمرد، ونحو 10 قتلى في صفوف الفصيل الموالي. غير أن مساعد قائد الشرطة في الولاية غلام فرحي، رفع حصيلة القتلى الى 80 شخصاً، بينهم 60 في صفوف المتمردين و20 في صفوف الموالين. وشهدت حركة «طالبان» التي تحارب لطرد القوات الأجنبية والإطاحة بالحكومة الأفغانية المدعومة من الولاياتالمتحدة، ارتباكاً بعد الإعلان عن وفاة الملا محمد عمر زعيم الحركة في تموز (يوليو) الماضي. وتولى زعامتها الملا أختر منصور، نائب الملا عمر، لكن بعض الاعتراضات ظهرت في صفوف الحركة. وعزا بعض المحللين هجمات كبيرة شنتها «طالبان» في الأشهر القليلة الماضية إلى محاولة منصور اكتساب سمعة، بصفته زعيماً للجماعة وترسيخ سلطته على «طالبان». وكان ناشطون أفغان في المجال الإنساني تجمعوا في كابول قبل أيام، للمطالبة بتحقيق العدالة لامرأة رجمها مقاتلو الحركة حتى الموت، بسبب اتهامها بالزنا، في ولاية غور (وسط) في 25 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وهتف هؤلاء بشعارات ضد الحركة التي يزداد نفوذها في المناطق النائية في أفغانستان، وتطبيقها أحكامها الخاصة «استناداً إلى الشريعة»، في وقت يعجز رجال الأمن عن وقف رجالها.