ثبت مجلس جامعة الدول العربية الموقف العربي من القضية الفلسطينية خصوصاً في شق العملية السلمية المتعثرة، فيما أعطى المجلس الذي اجتمع أول من أمس على مستوى وزراء الخارجية في دورة غير عادية برئاسة البحرين، الفرصة للعملية السلمية وفقاً لشروط محددة، وهي المقبولة عربياً وفلسطينياً للتصور النهائي لإتمام عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي. وقرر مجلس الجامعة اعتماد مشروع جدول أعمال القمة العربية المقبلة السابعة والعشرين في العاصمة الموريتانية (نواكشوط) في الفترة من 25 إلى 26 تموز (يوليو) المقبل، وأفاد قرار للمجلس بهذا الشأن، بأنه سيتم عرض جدول الأعمال على اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة المقرر عقده في نواكشوط في 23 تموز (يوليو) المقبل. واعتمد مجلس الجامعة الذي استمع إلى تصور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، خطة التحركات الديبلوماسية المقبلة في شأن القضية الفلسطينية، واهتم خصوصاً بإيضاح أن مبادرة السلام العربية كما قُدمت عام 2002 تظل مرجعية أساسية، وكذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، وتحقيق حل الدولتين، ضمن إطار زمني محدد متفق عليه لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينيةالمحتلة عام 1967، وأكد المجلس أن قضايا الحل النهائي لتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي، هي: الحدود، الأمن، اللاجئون، القدس، الاستيطان، الأسرى، والمياه. وأعلن المجلس دعم المبادرة الفرنسية، وكافة الجهود العربية والدولية، لتوسيع المشاركة الدولية لحل القضية الفلسطينية، بدءاً بعقد الاجتماع الوزاري الدولي في باريس يوم الثالث من حزيران (يونيو) 2016، والإسراع بعقد المؤتمر الدولي للسلام، وخلق آلية متعددة الأطراف بهدف العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، بعاصمتها القدسالشرقية، على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، وذلك وفق المرجعيات الدولية والقانونية، بما فيها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، ووضع جدول زمني للمفاوضات ولتنفيذ ما يُتفق عليه، ضمن إطار آلية متابعة دولية جديدة. وأكد المجلس عدم قبول الحلول الانتقالية، ومشروع الدولة ذات الحدود الموقتة، والتأكيد على رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ورفض تكريس نظام الفصل العنصري الإسرائيلي (الأبارتايد) القائم حالياً. ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل، قوة الاحتلال، بقرارات الشرعية الدولية، وميثاق الأممالمتحدة، وعدم انتهاك القوانين الدولية، ورفع حصارها الظالم عن قطاع غزة، وتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقات الدولية والثنائية، وفي هذا الإطار، فإن مجلس الجامعة يجدد دعم قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الداعية إلى إعادة النظر في كل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية الفلسطينية مع إسرائيل. وكلف المجلس مجدداً اللجنة الوزارية العربية، المعنية بإنهاء الاحتلال، بإجراء المشاورات والتحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لاستصدار قرار بوقف الاستيطان الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين في أرض دولة فلسطينالمحتلة، وإعادة تأكيد بطلان وعدم قانونية وعدم شرعية الاستيطان، وأن تواصل اللجنة الوزارية العربية إجراء الاتصالات والمشاورات مع الأمين العام للأمم المتحدة، لإعداد نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته. وكان المجلس استمع للعرض الذي تقدم به الرئيس عباس (أبو مازن)، حول آخر الأوضاع والمستجدات في القضية الفلسطينية، حيث أكد الرئيس الفلسطيني أنه حال تحقيق السلام مع إسرائيل، فإنه وفقاً للمبادرة العربية، يمكن الدول العربية والإسلامية أن تطبع علاقاتها مع إسرائيل، وليس العكس، مشدداً على أن البداية هي أن تقبل إسرائيل بالمبادرة ثم يمكن الدول العربية أن تطبع علاقاتها معها. ودعا أبو مازن إلى إيجاد حل عادل ومتفق عليه بالنسبة إلى قضية اللاجئين، محذراً من بعض العروض والمقترحات والطروحات التي سبق أن عرضت عليهم ورفضوها، ومن إمكان تكرارها خلال الاجتماع الفرنسي أو على هامشه، وعلى رأسها، عدم قبول القول بأن القدس كلها عاصمة للدولتين، وأن الجانب الفلسطيني متمسك بحدود الرابع من حزيران (يونيو)، و «نحن مستعدون لتبادلية طفيفة بالقيمة والمثل، في حدود ضيّقة وشريطة أن تكون هذه التبادلية بالقيمة والمثل». وأكد أبو مازن رفض أي وجود عسكري إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية بعد توقيع الاتفاق، أو تأجير أي جزء من الأراضي الفلسطينية لإسرائيل. معتبراً أن هناك تحريضات في منتهى «السفالة» ضد الفلسطينيين في المناهج والكتب الإسرائيلية. وشدد على رفض يهودية الدولة بقوله: «نعترف بدولة إسرائيل منذ عام 1993، ولكن لن نعترف بالدولة اليهودية». وبالنسبة إلى موضوع المصالحة الفلسطينية، قال إن مصر تابعت هذا الموضوع و «عملنا اتفاقات كثيرة ولم تنفذ». وأكد الرئيس الفلسطيني أن أسس المصالحة هي تشكيل حكومة وحدة وطنية وتكون «حماس» شريكة في هذه الحكومة ولكن تمارس السياسة التي تلتزم بها منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، و «تنفذ سياسة الدولة وليس سياسة حماس أو غير حماس»، وأن يذهب الطرفان للانتخابات كما جاءت «حماس» بالانتخابات في عام 2006، وكانت انتخابات نزيهة، وألا تكون الانتخابات مرة واحدة، على أن تتم الانتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي، مؤكداً أن تحقيق المصالحة سينزع ذرائع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والتي يكررها دائماً حول من يمثل الطرف الفلسطيني. وقال عباس إنه مقبل على تحرك ديبلوماسي جديد وهو الخاص بالمبادرة الفرنسية، ما يستدعي أن يضع الدول العربية في صورة المستجدات والتشاور لتنسيق المواقف، مشيراً إلى أن مدينة القدس تتعرض لعملية ممنهجة لطمس هويتها وأن القوات الإسرائيلية تقوم باستباحة كل مكان «فيصادرون الأرض ويبنون المستوطنات ويقتلون دون حسيب أو رقيب ويقومون بفرض الحصار الظالم على قطاع غزة، فضلاً عما يتعرض له الفلسطينيون في الشتات». من جهة أخرى، استمع الاجتماع الوزاري إلى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فائز السراج عن الظروف التي تمر بها بلاده والتي «تستوجب عملاً مشتركاً تحت مظلة الجامعة». وأكد المجلس في قراره الخاص بليبيا رفض أي تدخل عسكري في ليبيا «لعواقبه الوخيمة على هذا البلد والمنطقة أجمع»، مشدداً على أن أي عمل عسكري موجه لمحاربة الإرهاب لا يتم إلا بناء على طلب من حكومة الوفاق الوطني وفقاً لأحكام ميثاق الأممالمتحدة. وأكد مجلس الجامعة مجدداً استمرار «دعم الشرعية الدستورية» في اليمن بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، مشدداً على أن أي مشاورات أو مفاوضات لا بد وأن تنطلق من المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، بخاصة القرار رقم 2216 لسنة 2015.