هبّت نسائم الرقص المتوسطي على مدينة الإسكندرية خلال الإصدار السادس لمهرجان «نسيم الرقص» الذي اختتم أخيراً، تاركاً خلفه حالة كرنفالية ملونة متدفقة بثها فنانو العروض من مصريين وأجانب طوال أيام المهرجان. خمسة أيام «اشتبك» فيها المهرجان مع المواطن العادي في الشارع السكندري، ليقحمه في عدد من الممارسات الفنية غير التقليدية من تألق الحركات وتناغم الإيقاعات المعاصرة في المساحات العامة ليكون ملتقى لمختلف الثقافات. فامتزج الفنانون والأماكن مع المدينة بحيويتها وإشعاعاتها، مكتشفين تجربة جديدة خلاقة حولت عروضهم إلى كائن حي ارتبط بالذاكرة الجمعية للجمهور. وقال المدير الفني لمركز «ريزودانس مصر» لوسيان آرينا إن المهرجان هدفه توسيع قاعدة الفنون المشاركة، فلا يقتصر على تقديم الرقص المعاصر، بل يتحول إلى منصة حوار ثقافي لمختلف الممارسات الفنية وما تثيره من تساؤلات وقضايا وتشابكات وتتيحه من حوارات ونقاشات مع الرغبة في فرض التجريب والبحث والإبداع في المدينة الحية المتغيرة. أما المديرة الفنية للمهرجان إيميلي بيتي فتقول: «نسيم الرقص استطاع أن يفتح أطراً جديدة لفنانين في الإسكندرية، مقدماً لهم فرصة للتعامل مع فضاءات مبتكرة غير تقليدية يملأونها بحركاتهم ورقصاتهم ورغباتهم ونبضاتهم، في بيئات لا يمكن توقّعها». وقد دعا المهرجان عدداً من مصممي الرقص من مصر وأوروبا لتولي أماكن عامة في الإسكندرية تختص بالثقافة والفنون وأماكن أخرى تراثية لها أهميتها بالنسبة إلى هوية المدينة الكوزموبوليتانية، وكلها أعيد اكتشافها من خلال تلك الرؤى الفنية التي أدت إلى عروض مشتركة بين محترفين وهواة. وخلال هذا العام، قدم الفنانون عروضهم في الميناء الشرقي ووكالة بهنا وشارع النبي دانيال ونفق الشاطبي والكورنيش وكوم الدكة ومطعم بدوار وحديقة الشلالات وممر سجاد دمهنور والمعهد الفرنسي وفضاء الكابينة. وعن تسميته «نسيم الرقص» تقول بيتي: «بدأ المهرجان عام 2011 وأطلقنا هذا الاسم لأن الرقص يقوم على الجسد والحركة، فالجسد هنا تمثله أجساد الفنانين المشاركين، والحركة يمثلها تفاعلهم مع المدينة وحركتهم فيها». شرقاً وغرباً بدأ المهرجان في حديقة الشلالات بعرض راقص لمحمد فؤاد مع مجموعة من هواة من أعمار مختلفة حول فكرة «الزمن الذي يمر»، ومشروع آخر مع الكاتب والمخرج المسرحي عبدالله ضيف حول فكرة «الهجرة» في وكالة بهنا. ومن العروض مشروع «4 صولوهات» الذي بدأ عام 2013 مع الراقصين ميريت ميشيل وإلهام دقيش، وهو أحد المشاريع الرئيسة في دورات «نسيم الرقص»، إذ يدعى الجمهور إلى التجوال في المدينة من نقطة إلى أخرى. وخلال العام الحالي قدم الجولة الفنية عمر عادل ومارتا فاليخو، وهي كتالونية تعيش في الإسكندرية، وشيماء شكري بتوجيه من نيكولاس جانسترار. وبدأت الجولة من ممر سجاد دمنهور وانتهت في السلسلة على كورنيش الإسكندرية. وشهد المهرجان أيضاً عرضين فرنسيين في أحدهما قدمت جولة فنية صوتية للمجموعة الفنية «ici-meme» بمشاركة راقصين مصريين، أما العرض الآخر فهو تعاون بين مشروع إكس - نيلو وراقصين مصريين لم يقدّم بل صوّر فيلماً وعرض ضمن المهرجان في أحد الأماكن العامة. وقدمت اللبنانية داليا نعوس مشروعها في تسجيل مقابلات مع نساء يتحدثن عن علاقاتهن بأجسادهن، ونقاط التحول بالسلب أو الإيجاب في تلك العلاقات لترصد إيماءات أجسادهن أثناء تلك المقابلات. ومن العروض المميزة، عرض «طريق قابل للكسر» وعرض «الخريطة» وعرض «المخزن». وإضافة إلى العروض، قدم المهرجان سلسلة ورش عمل للممارسات الصوتية في مساحات المدن مع مجموعة Ici Même، وهو مشروع أصوات للمدينة يأخذ المشاركين في جولات داخل المشهد السمعي للمدينة. واختتم المهرجان بمعرض لنشاطات المهرجان على مدار الدورات الخمس السابقة لياسمين حسين. شارك في المهرجان فنانون من مصر وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا برعاية محافظ الإسكندرية محمد عبدالظاهر وتنفيذ مؤسسة «ممكن» بتمويل الاتحاد الأوروبي، ودعم إدارة السياحة والمنتجعات في الإسكندرية وصندوق روبرتو شميتا والمنتدى النمسوي الثقافي CCFD - Terre Solidaire.