دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمة ألقاها خلال قمة دول مجموعة ال20 مساء أول من أمس على قادة الدول ذات الاقتصادات الأكبر في العالم أن يحذوا حذو السعودية في أسلوب تعاملها مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم. واقترح خادم الحرمين على قادة مجموعة العشرين تطبيق «أنظمة إشرافية ورقابية قوية»، بصفتها بديلاً أنسب من «فرض ضرائب على المؤسسات المالية»، وقال: «بفضل الإجراءات الصارمة والرقابية الاستباقية، عزّزت المملكة على مدار السنوات الماضية قدرة النظام المالي لها على الصمود»، مشيراً إلى أن النظام المصرفي السعودي «احتفظ بسلامة أوضاعه وبمستويات ربحيته ورسملته المرتفعة حتى في أعقاب الأزمة العالمية الأخيرة»، مشدداً على أهمية إصلاح الأنظمة المالية من أجل تفادي وقوع الاقتصاد العالمي بأزمات مماثلة في المستقبل. وكان الاتحاد الأوروبي فرض في جلسته الأخيرة قبل نحو أسبوع من قمة تورنتو «ضرائب إضافية» على المؤسسات المالية والمصرفية، بصفته وسيلة لتعزيز النمو الاقتصادي الهش في أوروبا. وأكد خادم الحرمين خلال كلمته في القمة الرابعة لمجموعة العشرين نجاح المجموعة في الاستجابة للأزمة المالية العالمية بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد؛ «إلاّ أن الأوضاع الاقتصادية العالمية الهشة تجعل من إعلان النجاح مؤجلاً. ولذا فمن المهم أن يكون النمو العالمي أقوى وأكثر توازناً وقدرة على الاستمرار، من خلال تبني إجراءات منسقة من قبل دول المجموعة؛ ومراعاة الحاجات والظروف الخاصة بكل دولة في الوقت نفسه». ونوّه إلى أن السعودية اتخذت عدداً من الإجراءات في مجال السياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. وأضاف: «استمرت السعودية في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي، وذلك بإنفاق مبلغ 400 بليون دولار أميركي على مدى خمسة أعوام والذي سبق الإعلان عنه في واشنطن، وهذا الإنفاق يعد من أكبر برامج التحفيز التي أعلنتها دول المجموعة باعتباره نسبة من الناتج المحلي الإجمالي». مشيراً إلى أن البرنامج ينفذ حالياً بحسب ما هو مخطط له، إضافة إلى زيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل المتخصصة لتتمكن من توفير تمويل إضافي للقطاع الخاص، خصوصاً المشاريع الكبيرة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة. وزاد: «اتخذت المملكة إجراءات عدة في مجال السياسة النقدية والقطاع المالي والتجارة، ساعدت على الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية وتعزيز أداء الاقتصاد السعودي». وفي ما يخص تطورات أسواق النفط، أكد خادم الحرمين أن التقلب الشديد في أسعار النفط الذي شهده العالم عامي 2008 و2009 «تسبب في الإضرار بالبلدان المنتجة، وكذلك البلدان المستهلكة»، مؤكداً أنه ينبغي للبلدان المستهلكة أن تنظم الأسواق المالية وأسواق السلع الأولية بصورة أقوى وأكثر فعالية. ولفت إلى استمرار المملكة في تطبيق سياستها البترولية المتوازنة للإسهام في استقرار أسواق النفط، ومن ذلك رفعها لطاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل يومياً. وطالب الدول المستهلكة التعاون مع الدول المنتجة لضمان استقرار الأسواق، وأمن الطلب والإمدادات لأهمية ذلك لضمان تدفق الاستثمارات المطلوبة في الطاقة الإنتاجية، «من المهم العمل على تعزيز إمكانات حصول الدول الفقيرة، خصوصاً على الطاقة من خلال تبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة من أجل الفقراء»، منوهاً إلى أن تعزيز إمكانات الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة وموثوقة ومعقولة الكلفة يعد أمراً أساسياً لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، على ألا يتضمن النهج الذي نتبعه في مساندة ودعم التكنولوجيات النظيفة تحاملاً أو تحيزاً ضد النفط وغيره من أنواع الوقود الأحفوري. وتطرق إلى أهمية دعم الدول النامية وبخاصة الفقيرة المتضررة جراء الأزمة «المملكة العربية السعودية عملت جهدها لمساعدتها على تخفيف وطأة الأزمة العالمية عليها، من خلال زيادة مساعداتها التنموية والإنسانية الثنائية والمتعددة الأطراف، وفي دعم تعزيز موارد بنوك التنمية الإقليمية والمتعددة الأطراف. ورحّب بالتقدم المحرز بشأن قضايا إصلاح حقوق التصويت ورأسمال البنك الدولي للإنشاء والتعمير. وبشأن إصلاحات صندوق النقد الدولي، أكد على أهمية تناول مقترحات الإصلاح باعتباره حزمة متكاملة. وبخصوص قضايا التجارة الدولية، أكد الملك عبدالله أن استمرار انتعاش التجارة العالمية يعدّ مطلباً ضرورياً للإسهام في تعجيل وتيرة النمو العالمي، وهذا يتطلب تجنب القيود الحمائية واتخاذ تدابير ملائمة لمساندة التمويل المرتبط بالنشاط التجاري، داعياً الدول المتقدمة إلى معالجة دعمها للمنتجات التي تمتلك فيها الدول الفقيرة ميزة نسبية. وشدّد على أن السعودية ملتزمة بحرية التجارة «المملكة تواصل القيام بجهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على جميع المستويات. كما تواصل المملكة تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية. يذكر أن وفد المملكة المشارك في أعمال القمة ضم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ووزير المالية الدكتور إبراهيم العساف ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر.