نُوقشت قبل أيام قضية عدم ضم بعض الطلبة الدارسين على حسابهم الخاص في بريطانيا للبعثة، ومن تجربة شخصية فإنني أتلقى العشرات من الرسائل على بريدي الاكتروني من طلبة وطالبات سعوديين يدرسون في بعض الدول، ومعظم تلك الرسائل يمكن أن تكون مواضيع شيقة يكتب عنها، إلا أنها تهاجم وتتهم مسؤولين في الملحقيات الثقافية بأبشع التهم بشكل مبالغ فيه جداً. ولأهمية الموضوع ومعرفة الحقيقة فلقد اتصلت بوزارة التعليم العالي لمعرفة عدم ضم بعض الطلبة الذين يدرسون على حسابهم الخاص، بحسب الأمر الملكي الكريم، فقد أحالوني على النص للأمر الملكي والمنشور في وكالة الأنباء السعودية بتاريخ 19 - 5 - 2010 والذي حدد دولاً بعينها لإلحاق الطلاب والطالبات الدارسين على حسابهم بالبعثة، وتلك الدول هي الولاياتالمتحدة الأميركية وكندا واستراليا ونيوزلندا، ولم يشمل هذا الأمر بريطانيا، ما يعطي صورة واضحة أن الملحقية التعليمية في بريطانيا والملحق الثقافي هناك لا يملك الصلاحيات بالضم والمنع، وإنما هناك لجنة مكونة من 64 أكاديمياً من مختلف القطاعات الحكومية من مهامها درس أوضاع الجامعات في الخارج وتقويمها سنوياً وتصدر قرارات بحجب، أو حجب بعض التخصصات، أو إلغاء الحجب عن بعضها، أو بعض التخصصات، بناءً على معطيات وتصنيفات تصدر في بعض الدول تقيم الجامعات بناءً على معايير علمية صارمة. أما قضية التكدس فهي واقع معاش دفع المسؤولين بالتعليم العالي لإيقاف الابتعاث لبريطانيا موقتاً، بسبب أن هذا التكدس له انعكاسات سلبية على الطلاب والطالبات من المملكة، سواء من ناحية التحصيل والمعرفة العلمية ومن حيث خوض غمار تجربة ومعايشة ثقافة جديدة وهي جزء من الهدف من الابتعاث، وحتى نبتعد عن التعميم فإنه مثلاً نجد خريجي أميركا لديهم مهارات كثيرة استوعبوها في فترة دراستهم هناك، على العكس من بعض خريجي بريطانيا الذين يعانون صعوبة في التحدث باللغة الانكليزية، على رغم الشهادات التي يحملونها من بعض الجامعات هناك، فكثرتهم في معاهد اللغة هناك هي عامل غير مساعد لتعلم اللغة، إضافة إلى أن بعض المعاهد والجامعات البريطانية تتساهل في قبول الطلبة السعوديين ومستوى لغتهم ضعيف، وبسبب هذا الاداء لا يستطيعون مواصلة الدراسة بعد أن تكون الجامعات هناك قد حصلت على رسومهم الدراسية للعام الأول. والأعداد هذه تمثل عينة لتكدس الطلبة السعوديين في بعض الجامعات هناك، فمثلاً جامعة برونيل يوجد بها 582 طالباً وطالبة من المملكة، وجامعة ليدز متروبولتان بها 532 طالباً سعودياً، وجامعة بورسموث بها 522 طالباً سعودياً، وجامعة بانقر فيها 466 طالباً سعودياً، وجامعة سنترال لانكشير بها 378 من الطلاب والطالبات السعوديين و هذه الأرقام تعطي صورة واضحة، لماذا أوقفت وزارة التعليم العالي موقتاً الابتعاث لبريطانيا. إن بعض القرارات لا يمكن للملحق الثقافي أن يتحكم فيها، فالكثير منا يتذكر مثلاً قضية تثبيت رواتب الطلبة السعوديين في أوروبا، على رغم تطبيق القرار على زملائهم في أميركا مثلاً، فهذا قرار سياسي، إلا أن الوزارة ممثلة في الملحقيات بذلت جهوداً جبارة لتطبيق هذا القرار، فليس من الموضوعية أن نصور الملحق الثقافي في بريطانيا وكأنه شاهر قلمه لإلغاء مثل هذه القرارات السامية. وعلى رغم تعاطفي الشديد مع بعض الطلبة الدارسين على حسابهم في بريطانيا وما يعانونه من مصاعب، إلا أن وزارة التعليم العالي تقع عليها المسؤولية والأمانة والقضية كيفاً وليست كماً. [email protected]