بعد 24 ساعة على تأكيدها اغتيال زعيمها الملا أختر منصور بغارة جوية أميركية، أعلنت «طالبان» اختيار زعيم جديد هو الملا هبة الله أخدنزاده النائب الأول السابق لمنصور، فيما انتخب نائبان لأخدنزاده هما سراج الدين حقاني والملا محمد يعقوب نجل مؤسس الحركة الملا محمد عمر. وأتى إجماع أعضاء مجلس شورى قيادة الحركة وعلمائها وقادتها الميدانيين على مبايعة الملا هبة الله الذي كان نائباً لزعيم «طالبان»، نتيجة إجراء العملية في الداخل الأفغاني وبعيداً من النفوذ الباكستاني، إضافة إلى أن الزعيم الجديد لا يأتي من خلفية عسكرية، ما يجعل من الصعب التكهن فوراً بتوجه الحركة وموقفها من عملية السلام، علماً أن الملا هبة الله كان من الداعين إلى عدم إقامة قيادات «طالبان» في باكستان. ولفتت المراقبين مسارعة الحركة الى نفي صحة أنباء عن إصدار زعيمها الجديد شريطاً صوتياً يعلن فيه رفضه التفاوض مع الحكومة الأفغانية ومواصلة العمليات العسكرية، علماً أن تنصيب أخدنزاده ترافق مع تبني الحركة تفجير باص أقلّ عاملين في محكمة مدنية. ووقع الهجوم غرب العاصمة كابول وأسفر عن مقتل 11 شخصاً. وعُرف هبة الله، الذي رأس المحكمة الشرعية العليا في «طالبان»، بأنه أحد علماء الحديث في أفغانستان وناشط في مجال التثقيف الديني لقيادات الحركة ومقاتليها، ولم يخض معارك على الجبهات مثل مؤسس الحركة الملا عمر وخلفه الملا منصور، لذا وصفت مصادر قريبة من الحركة اختياره بأنه يعكس توجهاً توافقياً بين العلماء والقادة الميدانيين وأبرزهم سراج الدين حقاني. وأتى هذا الإجماع على الملا هبة الله معاكساً لما شهده اختيار سلفه الملا منصور من تجاذبات صيف العام الماضي. وتوقفت المصادر المقربة من «طالبان» عند اختيار حقاني والملا يعقوب نجل مؤسس الحركة، نائبين لزعيمها الجديد الذي يمثل التركيبة العلمية والشرعية للحركة. فتثبيت حقاني في موقع نائب أول لزعيم «الحركة» يعطيه مكانة في صفوف المقاتلين والقادة الميدانيين، في حين أن ترفيع نجل الملا عمر لمنصب نائب ثان بعد أقل من شهرين من تعيينه عضواً في شورى قيادة «طالبان»، يعد محاولة للمحافظة على وحدتها وتفادي الانقسامات التي تثير مخاوف من انشقاقات عن «طالبان» لمصلحة تنظيم «داعش» الساعي إلى التوسّع في أفغانستان. ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد الأعضاء البارزين في الحركة، أن «سراج الدين حقاني كان الخيار الأول لغالبية مجلس الشورى (خلال عملية اختيار الزعيم الجديد)، لكنهم خشوا من زيادة متاعبهم إذا نصب على رأس الحركة، كونه من أبرز شخصياتها المطلوبة في الولاياتالمتحدة». وأضاف المصدر نفسه: «في النهاية سحب حقاني ترشيحه ولم يحضر الاجتماع، ولكن حضره ممثلون عنه». ويتحدر الملا هبة الله من منطقة بانجوي في ولاية قندهار مهد الحركة التي تأسست عام 1994، وهو ينتمي الى قبيلة نورزاي العريقة. وبصفته كبير قضاتها، يعتبر أخدنزاده مسؤولاً عن معظم فتاوى «طالبان»، وتحديداً الداعية الى التصدي للاحتلال الأجنبي، وموقف الحركة الشرعي من رفض التعامل مع الحكومة الأفغانية في ظل وجود القوات الأجنبية في البلاد. وفور انتخاب الملا هبة الله، دعته الحكومة الأفغانية الى إنهاء الحرب أو مواجهة عواقب وخيمة. وقال سيد ظفار هاشمي نائب الناطق باسم الرئيس أشرف عبد الغني في تغريدة على «تويتر»، إن «التطورات الأحدث تعرض على جماعات طالبان فرصة لإنهاء العنف واستئناف الحياة السلمية وإلا سيواجهون مصير قيادتهم» السابقة.