الصورة التلفزيونية الناقلة لمباريات المونديال ذكية. تتخير المدهش والطريف من اللقطات، المفرح والمترح. لا تفوتها حالات الغش وسط اللاعبين، تهور بعضهم ومكر البعض الآخر، وكل شيء في الملعب تنقله بما في ذلك خفقة العضلة الصغيرة في ساق اللاعب أو وجهه، بل رمشة العين ذاتها مُلتقطة هنا وبأكثر من زاوية! اما صوت المعلق الرياضي، فبات في شيء من خبر كان، إن جاز القول، فالصورة الجديدة زادت وضعيته تعقيداً، اذ بدلاً من مزاحمتها أو موازاتها في نقل ما يجرى في الملعب، صار صوت المعلق تابعاً متأخراً لها... ينتظر مرورها السحري على الشاشة الصغيرة في كابينة التعليق... لينطق! تنبه هذا الصوت منذ وقت إلى ان عليه إضافة بعض المزايا الى دوره القديم وأخذ يقلل من «النقل الوصفي» للمباريات، لأن الكاميرا الحديثة وحلولها صارت اقدر على ذلك وأبلغ تأثيراً، لذا زاد على تعليقه لحركة الكرة بين أقدام اللاعبين وتنقلها في المساحة الخضراء للملعب... زاد عليها فكرة جديدة تتمثل في تقديم بعض المعلومات عن اللاعبين والفرق والأجواء السابقة للمباريات وما قيل وما نشر في صفحات الجرائد أو المواقع الالكترونية. يتحين معلق المباراة اللحظات الميتة اثناء اللعب، أي حين تتوقف الكرة بسبب اصابة لاعب أو خروجها من خط التماس ويحييها بإذاعة أكبر مقدار من هذه المعلومات. وهي في غالبيتها حول اسعار اللاعبين أو مشاركاتهم في الدوريات الاوروبية وأبرز انجازاتهم الشخصية. وبعض المعلقين لا ينسى اذاعة الاسرار التي تتبارى الصحف الغربية في فضحها فيأتي بها طازجة ومن هنا تمر سائر «بهارات» الكلام: النميمة والنقد والانحياز والعنصرية والقذف... وكل ذلك يسخن مشاعر المشاهدين بالطبع ويشحذ استجاباتهم بالتوقعات والرهانات والتوجهات وهو مهم ل «حلاوة» كرة القدم! لكن، ومع ما بدا من حذق وبراعة في اسلوب النقل التلفزيوني لمباريات كأس العالم في جنوب افريقيا، يبدو ان على المعلق الرياضي مراجعة دوره للمرة الثانية... على الأقل ينبغي عليه ان يوازن في علاقته بورقة المعلومات والصورة المبثوثة على الشاشة امامه. عليه ألا يستغرق تماماً في التبرع بالمعلومات فتفوته «لقطة المباراة»، كما حصل، مثلاً، لمعلق «الجزيرة الرياضية» على القناة الصوتية الاولى في المباراة بين ساحل العاج والبرازيل... تلك اللقطة التي شاهدنا فيها الحكم الفرنسي ستيفان لانوي وهو يتحدث إلى اللاعب البرازيلي لويس فبيانو مستخدماً يديه بإشارات واضحة مبيناً انه رآه حينما لمس الكرة بيده قبل ان يضعها في الشباك، لكنه - الحكم - تجاوز ذلك متعمداً واحتسب الهدف الثاني لفريق السامبا! في تلك اللحظة... اي حين مرت اللقطة كان معلق المباراة يتحدث عن عراقة الفريق البرازيلي وتاريخه مع المنتخبات الافريقية التي دائماً ما يهزمها بثلاثية. وهو لم ينتبه ايضاً للقطة المثيرة والمخرج يعيد عرضها مرة اخرى... لم ينتبه لأهمّ ما حصل في المباراة مع انه في ملعبها.. بل ومعلقها!