عاين كل من الكاتبين الصحافيين قينان الغامدي وعبدالعزيز قاسم الخطابين الثقافي والديني، من زاوية مختلفة، وقدما رؤية، كل من موقعه، عن هذين الخطابين، وكيفية تأثيرهما في المجتمع، متوقفين عند لحظات بعينها. وشهدت الندوة، التي نظمها نادي حائل الأدبي مساء الأحد الماضي وعنوانها «تحولات الخطابات الثقافية السعودية... رؤية إعلامية» وأدارها القاص فارس الهمزاني، حضور عدد كبير من المثقفين والمهتمين. وقال الغامدي: «إن الثقافة التي لا يتم التعامل معها ليست مؤثرة، وهي أيضاً لا تؤثر ما لم تتوافر لها أرضية تؤثر فيها، ويكون أثرها بالغاً ومنطلقاً من أنها ثقافة وسلوك»، مضيفاً أن الخطاب الثقافي في السعودية «مر بثلاث مراحل، أولاها بعد خاتمة جهاد الملك عبدالعزيز في التأسيس، وهي المرحلة الثقافية الأولى، وهي بداية مرحلة البناء وبداية التحديث في الخطاب السعودي، وهو الخطاب الذي سماه الأمير خالد الفيصل الخطاب السعودي المعتدل، الذي رافق ثقافة العمل وثقافة الاقتصاد بعد أن حلت ثقافة الأمن، وبدأ في منتصف السبعينات خطاب جديد يتبلور بصورة هادئة، وبدأ في عهد الملك خالد ينمو شيئاً فشيئاً، وهو الذي تأثر بحركة الأخوان المصرية، وهذا الخطاب اعتمد على التصنيف». وتطرق الغامدي إلى المرحلة الثالثة للخطاب، «المرحلة التي نعيشها ويقوم خطابها على تكريس الوحدة الوطنية والخطاب التنموي والتنويري، وتكريس المنهج السعودي المعتدل». أما الدكتور القاسم فقدم قراءة في تحولات الخطاب الديني في السعودية بعد 11 أيلول (سبتمبر). وقال: «أصبح تجديدُ الخطاب الديني مثارَ جدل في المجتمع السعودي، فضلاً عن الاختلاف حول ماهية هذا التجديد وأهدافه». وأوضح أن تجديد الخطاب الديني «اصطدم بهاجس آخر ولكنه داخلي، عرقل في رأيي خطوات كبيرة تسير في هذا الاتجاه، وهذا الهاجس هو الليبراليون السعوديون، الذين أصبحوا يمثلون صداماً فكرياً مع الأطياف الإسلامية الأخرى داخل المملكة»، مرجعاً جزءاً من أسباب هذه التخوفات «إلى ممارسات الليبراليين داخل المملكة، وتقديمهم أطروحات تتعلق بتجديد الخطاب الديني، وهي أطروحات رفضها كثير من الشرعيين، ليس لأنها مهمة، بل لأنها صدرت من كتبة ليبراليين فجوبهت بالرفض المطلق، مع أن كثيراً منها مما يمكن النقاش حوله، وتتقبله العقلية الدينية، بل بعضه كان لازماً واجباً في تلك المرحلة، ولكن مجرد صدورها من ليبراليين جعل التيار الديني يتمترس ضدها ويرفضها»، مشيراً إلى أن «هذا التحول الذي لمسناه في الساحة الدينية، يرجعه إبراهيم السكران إلى «أربعة ظروف رئيسية شكلت أضلاع الوعاء الجوهري لتناميه، وهي: مناخ سبتمبر، والضخ الفرانكفوني، وحفاوة وسائل الإعلام، ورد الفعل تجاه البغي الإلكتروني»، مضيفاً أن 11 من سبتمبر، أثّر في الساحة الشرعية والخطاب الديني، «ونتج منه أمران بحسب الباحث محمد حسين الأنصاري: الأول: تفكك الخطاب الديني إلى خطابات عدة، والثاني: بروز خطابات أخرى مضادة للخطاب السلفي في الجملة».