أكدت مصادر سياسية إسرائيلية أمس أن الإدارة الأميركية طلبت من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو توضيحات حول مصادقة «اللجنة المحلية للتخطيط والبناء» التابعة للبلدية الإسرائيلية في القدسالمحتلة على هدم 22 بيتاً في حي البستان في بلدة سلوان المقدسية وترحيل نحو مئة عائلة تقطنها بهدف إقامة «حديقة الملك» و»منتزه قومي - أثري». وانتقد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الموافقة المبدئية التي منحتها بلدية القدس لهذا المشروع. وأفادت صحيفة «هآرتس» أن الأميركيين أكدوا لنظرائهم الإسرائيليين أن واشنطن ترى في قرار اللجنة خطوة تمس بالثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة والفلسطينيين، وتتعارض والأجواء التي تسعى الإدارة الأميركية لتوفيرها للمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى أن الموظفين الأميركيين الذين نقلوا رسالة الإدارة الأميركية إلى مكتب نتانياهو أبلغوهم مسبقاً نية وزارة الخارجية إصدار بيان يندد بقرار هدم البيوت. وتابعت أن مستشاري رئيس الحكومة الاسرائيلية أبلغوا الأميركيين أن نتانياهو لا يملك الصلاحية القانونية للتدخل في شؤون البلدية وبرامجها للتخطيط والبناء وأن الحكومة تستطيع أن تؤثر على القرار عندما يتم بحثه في «اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء». وذكّر مستشارو نتانياهو الأميركيين بأن الأخير كان تدخل قبل ثلاثة اشهر لدى رئيس البلدية نير بركات لإرجاء اجتماع لجنة التخطيط والبناء لعدة أشهر وتم ذلك فعلاً «لكن البلدية وسكان الحي لم يتوصلوا إلى اتفاق». وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعربت الاثنين عن «قلقها» حيال هذا المشروع الذي من شأنه ان يزيد التوتر بين الفلسطينيين والاسرائيليين في وقت تراوح فيه المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين مكانها، مشيرة الى ان «هذا النوع من الخطوات يقوّض الثقة الأساسية في تحقيق تقدم» بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. من جهته حاول نتانياهو التقليل من وطأة قرار لجنة التخطيط بداعي أن الخطة ما زالت في مراحلها الأولية وتحتاج بعد لإجراءات كثيرة وبحث في أروقة المحاكم قبل المصادقة النهائية عليها، وأنه «سيتواصل الحوار مع السكان الفلسطينيين بهدف التوصل إلى حل مقبول على الطرفين يضمن احترام القانون (أي أن يقبلوا بعرض البلدية الانتقال)». واللافت على هذا الصعيد كان انتقاد وزير الدفاع ايهود باراك قرار لجنة التخطيط في بلدية القدس، وقال من واشنطن، التي يزورها، ان «بلدية القدس جانبت الصواب ولم تراع حساسية التوقيت» في اعلان هذا القرار. وأضاف إنه يعتزم التوجه إلى رئيس الحكومة بطلب إيجاد حل لهذه المشكلة، مضيفاً أن بلدية القدس ولجنة التخطيط لا تبديان في سلوكهما منطقاً سليماً ولا حساسية للتوقيت» لافتاً الى ان «هذه ليست المرة الأولى» لمثل هذا التصرف. وتابع باراك أنه «حيال الظروف السياسية فإن البناء الذي انتظر ثلاثة آلاف سنة يمكن أن ينتظر أشهراً أخرى». وذكرت تقارير صحافية أن نتانياهو حاول إقناع وزير الداخلية ايلي يشاي والمسؤولين في الوزارة عن لجان التخطيط والبناء بإرجاء بحث خطة إقامة «حديقة الملك» أو حتى إلغائها، لكن من دون جدوى. وعارض الخطة ممثلو حزب «ميرتس» اليساري في البلدية الذين أعلنوا انسحابهم من الائتلاف البلدي احتجاجاً على إقرار الخطة، «ولأننا لسنا قادرين على البقاء في ائتلاف يهدم البيوت في القدسالشرقية (...) وسنحارب سياسة البلدية من مقاعد المعارضة». فيما قال ايليشا بيليغ، عضو لجنة التخطيط والمستشار البلدي العضو في حزب «ليكود» اليميني بزعامة نتانياهو، ان القرار «تعبير عن سيادتنا على كامل القدس عاصمتنا الابدية». وأعربت فرنسا عن «أسفها» للقرار الإسرائيلي وطالبت تل أبيب باتخاذ «التدابير الملائمة من دون إبطاء ضد هذا الإجراء». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: «نأسف لموافقة بلدية القدس على مشروع استيطاني في القدسالشرقية والذي سيترجم تطبيقه هدماً لمنازل فلسطينية»، معتبراً ان «هذا القرار يعطي نتائج مضادة». وأضاف فاليرو: «نأمل بأن تتخذ السلطات الاسرائيلية من دون إبطاء التدابير الملائمة ضد إجراء الموافقة الجاري حالياً».