في يوم باريسي صقيعه قارس، زار الفريق الاسباني فرنسا ليشارك في مباراة ودية انتهت الى هزيمة الفريق المضيف هزيمة كاسحة. وفاز الفريق الاسباني من غير أن يبذل لاعبوه جهداً يُذكر بهدفين، بينما لم يسجل الفريق المنافس أي هدف. وإثر المباراة، قال مهاجم الفريق الفرنسي، نيكولا أنيلكا: «بدا وكأن فريقاً من دوري الدرجة الأولى يواجه فريقاً من دوري الدرجة الرابعة». وأغلب الظن أن تكون، اليوم، الخسارة من نصيب فريق إسبانيا في مواجهته الفريق السويسري في دوربن، وهي مواجهة بين أفضل فريق في العالم مع أكثر الفرق إملالاً. فالعادة جرت في مباريات كأس العالم على خسارة الفريق المتفوق. وأبرز مشكلات إسبانيا هي إلمام المشاهدين واللاعبين بطريقة لعبها. فاللاعبون يشقون طريقهم في الملعب منهجياً، ويمررون الكرة بعضهم الى بعض تمريرات قصيرة، ثم يسجلون هدفاً. ولا يساورهم شك في طريقتهم. وهم يهملون سنّة كرة القدم المعاصرة، ورهنها الهدف باختراق سريع أو هجوم مباغت. وعندما تكون الكرة بين أقدامهم لا يتكلف اللاعبون الاسبان عناء المبادرة الى الهجوم والانقضاض، وينصرفون الى تمرير الكرة، وكأنهم ينسجون خيوط اللعب ويحيكونها. ومنذ 2000 الى اليوم، فازت اسبانيا ب70 في المئة من المباريات التي خاضتها. والنسبة هذه لم تسجلها البرازيل في العقد الماضي. وإحصائياً، يسعنا القول إنهم أفضل فريق في التاريخ. ويبدو أن المدرب جوزيه مورينيو أسهم في ابراز نقاط ضعف الفريق. ففي الربيع، واجه «انتر ميلان» فريق «برشلونة»، ونصف لاعبيه من المنتخب الوطني الاسباني، مرتين. ورابطَ اعضاءُ «انتر ميلان» في خطوط افقية في حيز ضربات الجزاء الخاص بفريقهم. وتُركت حرية الحركة لفريق برشلونة الى أن بلغ لاعبوه جدار «انتر ميلان» الدفاعي، فطردوا من الحيز هذا، وأُبعدوا. ورأى مورينيو أن تشافيه، وهو أفضل لاعبي برشلونة وإسبانيا، هو مكمن ضعف الفريق وقوته. فزملاؤه قد يمررون له الكرة، ولكنه غير ملزم المبادرة الى الدفاع عن المرمى. وهذا امتياز استثنائي للاعب خط الوسط في كرة القدم المعاصرة. فصدّ لاعبو «انتر ميلان» الهجمات في الحيّز الذي تركه لهم تشافيه، وغلبوا «برشلونة». وأبرز مشكلات الفريق الاسباني هي صيغة كأس العالم. فقبل مباريات كأس العالم، يفترض النقاد أن أفضل الفرق ستفوز بالكأس. وبتّ هؤلاء من اليوم في أمر الفريق الفرنسي والفريق الارجنتيني، ورأوا أنهما ليسا من أفضل الفرق، وأن الخسارة من نصيبهما. ولكن المراقبين والنقاد يخلطون بين كأس العالم والدوري. ففي مباريات الدوري، الفوز من نصيب الفريق الافضل. وعلى خلاف كأس العالم، تدوم المنافسة في الدوري نحو 9 أشهر، ولا يقرر خطأ في التحكيم، أو في التسديد، مصير الفريق. ولكن كأس العالم يحسم فوز الفريق أو خسارته في أربع مباريات. وتبلغ معظم الفرق الكبيرة المرحلة الثانية من اللعب. والفوز يكون من نصيب من يربح أربع مرات على التوالي. والتصفيات يحسمها هدف أو ضربة جزاء. ويحسم خطأ الحكم أو عامل عشوائي، مثل ارتطام الكرة بالعارضة عوض دخولها شباك المرمى، من يفوز بالكأس. ولو كانت غاية كأس العالم تتويج الفريق الافضل، وسِع، اليوم، الفريق الاسباني استلام الكأس من مكاتب الفيفا، وانتفت الحاجة الى المباريات. وإذا كان معيار الفوز عشوائياً، خسر الفريق الاسباني الكأس. * معلق، عن «فايننشل تايمز» البريطانية، 15/6/2010، إعداد منال نحاس