هل يحرم الإسلام وسائل الترفيه؟ هل مَن يلعبون كرة القدم أناس مجانين بلا عقول؟! لماذا يضطر الناس إلى «التحايل» والاختباء ومشاهدة مباريات كرة القدم «سراً» خشية القتل وخوفاً من أحكام تستهدف حياتهم؟! هل من حق جماعة متطرفة ان تفرض «الوصاية» على مجتمع وتمارس عليها الجلد والضرب والقتل بسبب مشاهدة لعبة كرة قدم؟! ماذا يحدث في الصومال خلال «مونديال» كأس العالم بسبب «كورة»؟! هل العالم الإسلامي بحاجة إلى المزيد من التكفيريين الذين يحاولون خطف الدين الإسلامي وتحويله إلى جحيم من أجل قطعة جلد وفق مبادئهم ومناهجهم الإجرامية؟! في الصومال حكومة «هشة» و «ضعيفة» وتكاد تكون «ميتة» ولا تسيطر إلا على اجزاء قليلة من العاصمة مقديشو، وتزعم بأنها تحكم الصومال، فيما الجماعات الإسلامية تحرم الموسيقى وكرة القدم ووسائل الترفيه. في الصومال يعيش الشعب حياة مهانة وإبادة من جماعات متطرفة تتمسك بالقشور وترفض مبادئ وسماحة الدين الإسلامي. لماذا تكون هناك حكومات تزعم بأنها شرعية وقوية، طالما انها غير قادرة على لجم المتشددين والمارقين وفق قوانين الدولة؟! شيء يدعو للريبة ان ترتكب جماعة متطرفة الضرب والجلد وربما القتل لكل من يشاهد مباريات كأس العالم «المونديال» بعد تحريمها من جانب جماعة متشددة في الصومال، بحجة ان من يلعبون كرة القدم «رجال مجانين يقفزون صعوداً وهبوطاً لمطاردة شيء منتفخ». تعتبر أشهر دراسة حديثة تعتمد عليها فتاوى تحريم كرة القدم هي بحث عبدالله النجدي المنشور في عام 2003، والمكون من 40 صفحة، الذي يحرم لعب كرة القدم إلا وفق ضوابط وشروط عجيبة، من بينها عدم احتساب «الفاول» و «البلنتي»، وإلغاء «الكروت الحمراء والصفراء». وتتضمن دراسة النجدي ما سماه حقائق كرة القدم وتاريخها، ليستدل بذلك على تحريمها، ونسب تلك الفتاوى إلى «الوهابية». تذكرت قصة الارهابي الذي قبضت عليه وزارة الداخلية السعودية عام 2003، خلال مداهمة شقة الخالدية في مكةالمكرمة، إذ اعتقلت شخصاً تشادياً أو مالياً يكنى «أبو عبدالله المكي» واسمه عبدالحميد تراوري، كان قبل اعتقاله وهو يفخخ المصاحف ويغرر بصغار السن، يخطب في مساجد مكة ويحرّم علناً لعب كرة القدم لكونها صناعة غربية تلهي المسلم عن دينه. في هذه الايام «المونديالية»، تنقل الأخبار من الصومال ان محبي كرة القدم يعيشون مأزقاً كبيراً وتهديداً خطيراً بعدما منعتهم الحركات الإسلامية من مشاهدة مباريات كأس العالم بالقوة حتى وصل الحد إلى قتل اثنين من هؤلاء المشاهدين «الضعفاء». لاشك في ان فتاوى تحريم كرة القدم قديمة وليست جديدة، ومعظمها يدور حول تحريم كرة القدم لما يصاحبها من محرمات بحسب زعم «المحرِّمين»، إذ ورد في كتاب الدرر السنية تحريم كرة القدم لما فيها من مفاسد، منها التشبه واللهو الباطل والميسر وما شابه ذلك. في السعودية، أباح علماء الدين لعب كرة القدم وفق ضوابط، منها عدم كشف العورة وألا تشغل الناس عن أداء الصلاة. لكن سبق ان أفتى الشيخ ناصر الحنيني بجواز مشاهدة كرة القدم، شريطة ألا يشاهد عورة وألا تمنعه عن أداء الصلاة وألا تتسبب في شحناء، لكنه أوصى من سأله بترك مشاهدة كرة القدم حتى لو توافرت تلك الشروط. وقبل شهرين تقريباً أفتى الدكتور يوسف الأحمد بتحريم إرسال أطفال المسلمين للتدرب كروياً في نادي ريال مدريد الإسباني، لأنه يؤدي إلى السفر إلى بلاد الكفار. لم تشتهر فتاوى تحرم الكرة في بعض البلاد الإسلامية، لكنّ خلافاً طفا على السطح بين علماء مصريين وتونسيين حول السجود في الملعب بعد تسجيل الأهداف، إذ حرمه علماء تونسيون، وأباحه فقهاء مصريون لأنه شكر لله، وهو ما يميل إلى تحريمه بعض علماء السعودية بوصفه «مسيئاً للإسلام». شخصياً، لا أهتم بمباريات كرة القدم ولا تعني لي شيئاً، ولا تحرك لي ساكناً، لكن هذه الفتاوى وما يمارَس في الصومال وغيرها من محاولة لخطف الدين بالقوة، يثبتان ان العالم الإسلامي يعيش «ازمة» لن تنتهي عند تحريم كرة القدم أو تشدد جماعة واحدة بل هناك مشكلة «أعمق» في ظل وجود عقول «متشددة ومسيسة»، تحاول «النخر» في رؤوس البسطاء باسم الدين، وهي في الاساس «عقول سطحية» غير قادرة على ايقاظ أنفسها واشغال عقولها قبل ان تقدم فتاوى «مفخخة» تعتمد على التحريم والتكفير ثم القتل، في ظل «صمت» الحكومات والمنظمات الإسلامية الشرعية.