وجد أحمد مبارك المطيري، نفسه وأولاده الستة، في الشارع، بعد أن أخرجوا قبل نحو شهر، من منزلهم الآيل للسقوط في مدينة الدمام. ونصبت العائلة خيمة على الكورنيش، ليسكنوا فيها، فيما باءت محاولاته في الحصول على سكن، يقيه الحر والرطوبة، بالفشل. بعد أن رفضت جمعيات خيرية مساعدته، وتفاقمت معاناته المادية، فهو لا يملك وظيفة، أو بطاقة هوية وطنية. وأخلى المطيري منزله في حي الخليج في الدمام، بأمر من البلدية، بعد أن أدرجت البيت ضمن المنازل «الآيلة للسقوط». ومنحته مهلة ثلاثة أيام. ويقول: «سكنت في المنزل نحو 13 سنة، واخترت السكن فيه لانخفاض إيجاره»، مضيفاً «كنت أعمل في جمع العلب الفارغة والصناديق الورقية، وحينها كنت قادراً على دفع الإيجار، الذي لا يتجاوز 800 ريال في الشهر». كما شمل طلب الإخلاء، منزل شقيقه، الذي يسكن الآن في شقة مستأجرة، لمدة ستة أشهر. لكن المطيري يردف «بعد شهر سيواجه المشكلة ذاتها، لعدم تمكنه من دفع الإيجار لبقية السنة». وسكنت أسرة المطيري، لمدة يومين في شقة مفروشة، بعد ان تعهدت جمعية خيرية بدفع الإيجار، بيد أنها لم تدفع شيئاً، ما اضطره إلى بيع بعض مقتنياته لدفع الكلفة، ليخرجوا منها إلى الكورنيش. ولا يخفي تلقيه عروضاً من محسنين لإسكانهم في شقق مفروشة. ويقول: «رفضت تلك العروض، فلدي أطفال، ولا أريد أن أتسبب في مشكلة مع المؤجر. كما أن جمعية خيرية عرضت علي مساعدة موقتة، على أن تدفع إيجار ستة أشهر. لكنني رفضت ذلك، فإلى أين أذهب بعدها؟» ويتكدس أولاد المطيري، داخل الخيمة البعيدة نسبياً عن المساكن، والتي لا تقيهم الحرارة والرطوبة المرتفعتين في المنطقة الشرقية هذه الأيام، ويلجأون إلى حمام عمومي في الكورنيش، لقضاء الحاجة، أو الاستحمام. كما لا يوجد في خيمتهم أي مصدر للكهرباء، وينامون على قطع من السجاد المهترئ. ويقول: «أجلب الماء من المسجد القريب منا، واشتري ثلجاً لتبريده. كما أقوم بغسل ملابسي وملابس الأطفال بيدي». ولا نطبخ في الخيمة، إذ لا نملك حتى اسطوانة غاز، لذلك نأكل الجبن والخبز فقط». وتسببت الحرارة في تقرحات واحمرار في جلد أفراد الأسرة. ويوضح «كلنا نواجه المشكلة ذاتها، فأصغر أبنائي تسلخ جلده، ما جعلني أتركه مع أختي، التي تعيش في منزل مكون من غرفة واحدة، مع ثمانية من أطفالها، إضافة إلى والدي»، مضيفاً «لا استطيع ترك أبنائي معها، لضيق منزلها. كما لا أستطيع تركهم مع أخي، للسبب ذاته، فلديه سبعة أولاد، وبعضهم كبار. وتعاني إحدى بناتي من مرض الربو. وإذا جاء الغبار، أنقلها إلى بيت أختي». وبحث الأب عن منزل يتمكن من دفع إيجاره، إلا أن إيجار أغلب المنازل يتجاوز 18 ألف ريال. كما أن المنخفض منها لا يصلح سوى سكناً للعزاب. ويشير إلى عدم قدرته على العمل في جمع العلب أو الصناديق الورقية، إذ «لا أستطيع ترك أبنائي وحدهم». وكان آخر وظيفة التحق بها هي رجل أمن في مجمع تجاري، لكنهم فصلوه لعدم وجود بطاقة هوية لديه، مبيناً أن «معاملة الحصول على بطاقة الهوية، مضى عليها أكثر من 30 عاماً. وكان والدي يسعى للحصول عليها، وبعدها سعينا نحن. وإلى الآن لم نحصل عليها، على رغم الوعود»، مؤكداً «نحن سعوديون أبا عن جد، وقبل أن ننتقل إلى الدمام، كنا نعيش قريباً من حفر الباطن». وأدى عدم الحصول على بطاقة هوية، إلى حرمان أولاد المطيري من دخول المدرسة. وتبلغ أكبر بناته 13 سنة، فيما أصغرهم أربع سنوات، ويقول: «وعدنا فاعل خير، أن يساعدنا في إدخالهم العام المقبل، ونحن ننتظر». ويزداد خوفه، مع اشتداد الحر والرطوبة، لزيادة الثعابين والحشرات، فقد قتل ثعبانين كانا متجهين صوب الخيمة. ويأمل في تدخل جهات خيرية وإمارة الشرقية، لأن «وضعنا لا يرضى به أحد، وإذا لم يكن من أجلي، فمن أجل أطفالي، الذين لهم الحق في العيش بحياة كريمة».