يعطي كنز من الأحافير لستة مخلوقات سكنت الأشجار في جنوبالصين قبل 34 مليون سنة، تصوراً أفضل لفترة مهمة في حقبة تطور الرئيسيات، وهي المجموعة التي أدت إلى ظهور البشر. واكتشف علماء بقايا ستة فصائل رئيسية منقرضة لم تكن معروفة أربعة منها تشبه حيوان الليمور الذي يعيش في مدغشقر، ويشبه واحد حيوان الأبخص وهو من الرئيسيات الليلية التي تتغذى بالحشرات والسحالي في الفيليبين وإندونيسيا، بينما يشبه الحيوان الرئيسي الأخير القرود. والرئيسيات من أكثر الثدييات حساسية للبيئة، وبقيت لفترة قصيرة بعد حقبة درامية من حقبات تغير المناخ على مستوى العالم، جعلت الطقس أكثر برداً وجفافاً ما أدى إلى انقراض كل الرئيسيات في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا. وتعرف سلالة الرئيسيات التي تنحدر منها القرود والقردة المتطورة والبشر باسم السعالي، وقد نشأت في آسيا ويبلغ عمر أولى أحافيرها 45 مليون سنة. ولم يهاجر بعض هذه السعالي إلى أفريقيا إلا في وقت لاحق (قبل 38 مليون سنة) وظلت تعيش في القارة 200 ألف سنة حتى ظهر البشر. لكن إذا كانت السعالي ظهرت أولاً في آسيا فلماذا لم تظهر القرود المتطورة والبشر هناك أيضاً؟ الإجابة على ذلك هي ظاهرة البرد الكبير التي حدثت قبل 34 مليون سنة. وقال عالم الأحافير شي جون ني من معهد الأحافير الفقارية والأنثروبولوجيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم إن هذه المرحلة تمثل «حلقة تصفية حرجة في تاريخ تطور الرئيسيات». وقبل انخفاض درجات الحرارة، كانت السعالي تهيمن على الرئيسيات في آسيا لكن بعد ذلك هيمنت الرئيسيات الشبيهة بالليمور بينما تراجع عدد الرئيسيات الشبيهة بالقرود. والدليل على ذلك هو أن واحدة من الفصائل الست الجديدة التي اكتشفت في إقليم يونان الصيني كانت من السعالي. ولم تتأثر أفريقيا بالمقدار ذاته بانخفاض درجات الحرارة وأصبحت السعالي التي تعيش فيها أكبر حجماً وتنوعاً.