حققت المشاورات اليمنية في الكويت اختراقاً مهماً باتفاق الأطراف الثلاثة (الحكومة وجماعة الحوثيين وأنصار علي صالح) على اقتراح مبعوث الأممالمتحدة اسماعيل ولد الشيخ أحمد تشكيل ثلاث لجان مشتركة، تعنى بالمسارين الأمني والسياسي، وقضية السجناء والمعتقلين. وقدّمت تلك الأطراف أسماء ممثليها في اللجان، فيما شدّد ولد الشيخ في بيان تلاه أمس، على «الفصل بين الميداني والسياسي»، كضرورة لاستمرار المشاورات ونجاحها. وقال: «المشاورات مستمرة، الإرادة موجودة، والعزم على التوصُّل إلى حل لم ولن يخف». وتقرّر إشراك قيادات نسائية يمنية في المصالحة. وفيما واصلت ميليشيات المتمردين الحوثيين خرق الهدنة في جبهات تعز ونهم والجوف ومأرب والبيضاء، بدأ مسلحو تنظيم «القاعدة» في محافظة أبين الجنوبية الانسحاب التدريجي من مدينتي زنجبار وجعار في اتجاه محافظة شبوة، وتسليم المقارّ الأمنية والحكومية إلى السلطات المحلية، في سياق تنفيذ التنظيم اتفاقاً مع القوات الحكومية سعى إلى إبرامه وسطاء قبليون. وكشفت مصادر أن «القاعدة» وافق على الانسحاب مقابل عدم التعرُّض لعناصره. وأشار موفد الأممالمتحدة إلى اتفاق الأطراف المشاركة في المشاورات اليمنية على أن تعمل لجنة التهدئة والتنسيق للنظر في الاشتباكات وتقصي الحقائق، وتقديم تقارير مفصّلة عنها إلى الجهات المعنية «بهدف تحييد المسار السياسي لمشاورات السلام عن الأوضاع الميدانية» على جبهات القتال في اليمن. (راجع ص2) وتابع: «ندرك الترابط القوي بين المحاور الأمنية والأجواء السياسية، لكننا لا نريد أن يعرقل التوتُّر على الأرض مجريات الحوار، بل نسعى إلى تثبيت أجوائه لتنعكس هدوءاً على المحاور الأمنية». واستدرك أن «حلّ النزاع لا يمكن أن يكون إلا سياسياً». وأقرّ موفد الأممالمتحدة بأن اليومين الماضيين شهدا خروقاً «وهذا مقلق ونتابعه بحرص مع الأطراف والجهات المعنية، وبدعم قوي من المجتمع الدولي». وباشرت ثلاث فرق عملاً تركز على المسار الأمني والسياسي وقضية السجناء والمعتقلين، مهماتها أمس بالاجتماع صباحاً واستعراض آليات العمل. وجدد الأطراف اليمنيون دعمهم لجنة التنسيق والتهدئة واللجان المحلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية في المحافظات المعنية، و «البدء من تعز كنموذج لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية باستمرار». وذكر ولد الشيخ أن تقارير الأممالمتحدة أظهرت أن «وقف الأعمال القتالية أفسح في المجال للمنظمات الإنسانية للقيام بواجباتها وإيصال المساعدات الإنسانية». ففي محافظة تعز وُزِّعت المياه الصالحة للشرب وأُنشِئت فرق عمل صحية لمتابعة الحالات الطارئة وتأمين الخدمات الطبية. وفي حجة والجوف، انطلقت مبادرات لحماية الأطفال في حالات الطوارئ، وقُدِّمت المواد الغذائية الأساسية لحوالى تسعة ملايين شخص. وفي خطوة لافتة تقرّر إدخال العنصر النسائي في المصالحة، وقال ولد الشيخ أحمد: «إيماناً منا بأهمية إشراك المرأة اليمنية في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ اليمن، قررنا التعاون مع مجموعة من القيادات النسائية كأصوات للسلام تعكس رؤية النساء اليمنيات وتوجّههن». وتحدّث عن وصول سبع سيدات يمنيات إلى الكويت أمس و «سيقابلنَ المعنيين بالملف اليمني لحضهم على التوصّل إلى حل سياسي شامل يعيد الأمن والسلام لليمن». ولدعم الوضع الإنساني والاقتصادي الذي تضرر كثيراً، أسّست الأممالمتحدة آلية للتحقُّق والتفتيش خاصة باليمن ومقرها جيبوتي، لكي تسهّل دخول السلع إلى اليمن، عبر موانئ الحديدة والصليف والمخا مع الالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن الرقم 2216. يُذكر أن من مهمات لجنة الأسرى والمعتقلين متابعة ملف السجناء السياسيين والذين ما زالوا يخضعون لإقامة جبرية. واتَّفق أطراف المشاورات على تقديم قوائم بأسماء السجناء والمخطوفين ودرس إطلاقهم، على أن يكون الإفراج عن مجموعة منهم خطوة قريبة. وستتناول اللجنة الثانية قضايا انسحاب الميليشيات من المدن وتسليم السلاح. إلى ذلك، حذر نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية عبدالملك المخلافي من «ممارسات الميليشيات»، وقال في تغريدة على «تويتر»: «ما يجري في تعز من قصف للمدنيين يؤكد إجرام جماعة الحوثي وصالح وستكون له عواقب وخيمة على مسار السلام ما لم يلتزم المجتمع الدولي تعهداته». وأضاف في تغريدة أخرى: «تعتقد الميليشيات بأنها ستهرب من التزاماتها بالسلام والقرارات الأممية إلى ساحة قتل المدنيين... كلما حوصروا في السياسة هربوا إلى ما يجيدون وهو القتل». وأفادت مصادر المقاومة والجيش الوطني بأن قوات المتمردين واصلت أمس قصف الأحياء السكنية في تعز. وفي جبهة نهم شمال شرقي صنعاء، تصاعدت المواجهات مع ميليشيات الحوثيين وعلي صالح باستخدام المدفعية الثقيلة والصواريخ. وأفادت مصادر بشن طيران التحالف غارات على تعزيزات للمتمردين كانت متجهة إلى نهم وجبهات مأرب المجاورة.