بعد 34 عاماً، من العمل «مُستخدمة» في إحدى مدارس محافظة القطيف، قررت سلمى العميري، أن ترتاح من «التعب»، كما أن «الكبر في السن» أجبرها على التقاعد. وأكدت سلمى مساء أول من أمس، في حفلة تكريمها و147 من منسوبات التربية والتعليم في القطيف، أنها ستشتاق للمدرسة ومعلماتها وطالباتها اللاتي «عاملنني كأم لهن»، بحسب قولها، مضيفة «أبنائي لم يخجلوا من عمل والدتهم، ولكنهم بحاجة إلى أن أكون معهم في آخر سنوات عمري»، هذه الكلمات أبكت المحيطات بسلمى، اللواتي احتضنها بحب. أما زميلتها مريم، التي عملت ربع قرن في المهنة ذاتها، فاعتبرت التقاعد «صدمة، لا يمكن احتمالها أو السكوت عنها»، مضيفة «حاولت العودة إلى العمل. إلا أنني وصلت إلى سن التقاعد، فلم يكن هناك بد من الترجل». وأقيم الاحتفال الذي نظمه مكتب الإشراف التربوي في القطيف، تحت شعار «شكر ووفاء لأهل العطاء»، بحضور مساعد المدير العام للشؤون التعليمية في المنطقة الشرقية الدكتورة ملكة الطيار، ومديرة مكتب الإشراف التربوي سعاد الصبحي. وأوضحت إيمان الهاشم، من قسم الإعلام التربوي في المكتب، أن «الغالبية العظمى من المتقاعدات، كان التقاعد بناءً على طلب منهن، فيما وصل بعضهن، وهن قلة، إلى سن التقاعد» ، مضيفة أن هناك «حساسية من مصطلح «التقاعد»، واستياءً لمجرد وصف الشخص ب «المتقاعد». أما في الولاياتالمتحدة الأميركية، فيطلقون عليه لقب «المواطن الأول»، كنوع من التقدير له. وقد يكون التقاعد فرصة مناسبة لإعادة تنظيم الأمور، والقيام بأعمال أو ممارسة هوايات، لم تسمح بها ارتباطات العمل السابقة». بدورها، قالت الصبحي: «إن اختتام مشوار العمل الوظيفي، يمثل بداية لمرحلة جديدة حافلة بالمزيد من العطاء في مجال أرحب، فلديهن الرصيد الوافر من الخبرات والمواقف والتجارب، التي يمكنهن تسجيلها، ونقلها لمجالات الحياة الواسعة»، مضيفة أن «لكل إنسان بصمة، والبصمة هي سلوك وعنوان يتركه الإنسان في هذه الحياة». أما مساعدة مديرة المكتب للمرحلة الابتدائية في القطيف فوزية الشهراني (مُحالة إلى التقاعد)، فقالت: «تبادر إلى ذهني عدد من الأسئلة، وبخاصة عندما صدرت الموافقة على طلبي للتقاعد، فبكل سهولة، وبمجرد الرفع والطلب جاءت الموافقة أسرع من التفكير. وعندما وصلني خطاب الموافقة لم يكن كأي خطاب عابر، إذ أطرقت صامتة، لاستشعر معنى كلمة «تقاعد مُبكر». وهل ستقف عجلة الزمن عن العمل والعطاء بهذه الموافقة. إلا إنني أحمل في داخلي قيادة، وهل يتناسب التقاعد مع وضعي الاجتماعي». وتقول نادية الدوسري، بعد 27 سنة من العمل في سلك التعليم: «بعد أن كبر أبنائي، وجدت أن مسؤوليتي تجاههم كبرت أيضاً. وبعد أن قدمت ما لدي لسنوات في سلك التعليم، علي أن أتفرغ لهم الآن». وتشاركها الرأي ابتسام القصاب «25 سنة قضيتها في التعليم، وأشعر أنه آن الأوان أن ارتاح، وأعطي ما تبقى لأسرتي»، مضيفة أن «قرار التقاعد المُبكر ليس سهلاً، وعلى رغم أنني طلبته، إلا أن الموافقة عليه استقبلتها بكل أسى وحزن». فيما لم تغب تلك الأفكار عن بنات الموظفات المتقاعدات، إذ اعتلت فتاتان خشبة المسرح، وقالت إحداهن»: «آن الأوان أن تكوني أمي وحدي». أما الأخرى فقالت: «أعلم أن تقاعدك تضحية قمت بها. وأنت تضحكين، بينما الدموع في عينيك، وذلك لتكوني بيننا».