استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مكتبه بالديوان الملكي امس النائب وليد جنبلاط يرافقه وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي. وحضر اللقاء رئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز ومستشارا خادم الحرمين الأمير منصور بن ناصر بن عبدالعزيز والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، ومستشار خادم الحرمين الشريفين الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري، وسفير خادم الحرمين المعين لدى لبنان علي عواض عسيري. في هذا الوقت، دخل رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أمس على خط السجال السياسي الدائر في شأن المواقف المنسوبة الى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ومفادها انه سيطالب فور تشكيل المجلس النيابي الجديد بعد الانتخابات المقررة في 7 حزيران (يونيو) المقبل بتقصير ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وتعديل اتفاق الطائف، فأكد ان تقصير الولاية ليس وارداً لا عند «الجنرال» عون ولا عند أحد، وجدد التزامه الثابت بالطائف و «المؤكد عشرة على عشرة» وتنفيذ مضامينه كاملة ورفض الاستنسابية في التطبيق. ومع ان مصادر مقربة من عون سارعت امس الى التبرؤ من الكلام المنسوب إليه عن تقصير ولاية رئيس الجمهورية وأبلغت من يعنيهم الأمر في القصر الجمهوري في بعبدا، ان هناك من عمد الى تحريف مواقفه بهدف التحريض عليه في الانتخابات النيابية، فإن بري كان واضحاً في رفضه المساس بولاية الرئيس، وقال في الخطاب الذي ألقاه امس لمناسبة إعلان برنامج لائحة «التنمية والتحرير» وأسماء مرشحيها ومن بينهم مرشحو كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) بأن تقصير الولاية لم يبحث في الاجتماع الذي جمعه اخيراً بكل من الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله وعون. واستغرب بري ما تردد عن ان المجتمعين بحثوا في رئاستي المجلس النيابي والحكومة وتوصلوا الى اتفاق في شأنهما وقال ان هذا الأمر لم يناقش لأن انتخاب رئيس المجلس لا يعود الى المعارضة وحدها من دون الفريق الآخر، وسأل عن المثالثة وما المقصود بها «ومن أين احضرها من اتهمنا بها ونحن لا نعرف عنها شيئاً». ولفت بري الى انه ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط مع الوسطية «إذا كان يراد منها ان نكون جميعاً في حكومة وحدة وطنية». كما حاول رئيس المجلس في رده على اسئلة الصحافيين التخفيف من وطأة الارتدادات السياسية لعدم تحالف كتلة «التنمية والتحرير» مع «التيار الوطني الحر» في جزين وتأثيره المباشر على حماسة الناخبين في الدوائر الانتخابية الأخرى، وقال ان إعلان لائحة جزين المؤلفة من النائبين سمير عازار وأنطوان خوري والمرشح كميل سرحال سيتم من عروس الشلال جزين. وأضاف: «ستحصل الانتخابات في جزين بطريقة حبية بين اطراف المعارضة ضمن البيت الواحد بين كتلة التنمية والتحرير والتيار الوطني، مؤكداً انها لن تؤثر في تحالفات المعارضة في الدوائر الأخرى داعياً محازبي «أمل» وكتلة «التنمية والتحرير» الى الاقتراع للوائح المعارضة في بقية الدوائر. وفي السياق ذاته، قالت مصادر سياسية مواكبة للاجتماع الثلاثي بين بري ونصر الله وعون ان جواً من المصارحة وتبادل العتاب ساده، وتحديداً بين بري وعون على خلفية انفراط التحالف بينهما في جزين. وأكدت ان عون عبّر عن هواجسه في شأن التواصل القائم بين بري وأطراف في الأكثرية، وخصوصاً جنبلاط، وقالت ان بري كان واضحاً في موقفه سواء بالنسبة الى إصراره على تشكيل حكومة وحدة وطنية أم في ما يتعلق بانفتاحه على الآخرين باعتبار كونه رئيساً للبرلمان يفرض عليه التمسك بالحوار كأساس لإيجاد الحلول للمشكلات العالقة. ورد بري ايضاً في مجال طمأنة عون بأن تحالفاته واضحة وأن ليس هناك تواطؤ انتخابي من تحت الطاولة مع أي فريق من الأكثرية، لكن التهدئة مطلوبة أكثر من أي وقت مضى لتمرير الاستحقاق الانتخابي بما يحفظ للبلد استقراره. ونفت المصادر نفسه ان يكون الاجتماع الثلاثي انتهى الى أي شكل من أشكال الاتفاقات في شأن المرحلة السياسية المقبلة التي ستبقى خاضعة للتشاور وهذا ما أكده بري في رده على اسئلة الصحافيين. لكن المصادر عينها أكدت ان خوض المعارضة للانتخابات في جزين على لائحتين متنافستين في مواجهة لائحة ثالثة برئاسة النائب السابق ادمون رزق ومدعومة من الأكثرية والمستقلين لا يعني ان المعارضة تتحضر للدخول في معركة «كسر عظم» بين قوتين رئيسيتين فيها، معتبرة ان الاتصالات الجارية ستؤدي حتماً الى تنظيم الاختلاف على قاعدة فسح المجال امام المقترعين المنتمين إليها للاقتراع في شكل متوازن بما يضمن فوز الطرفين في الانتخابات. وبكلام آخر، أوضحت المصادر ان الاقتراع المتوازن سيتحكم بالنتيجة لجهة تقاسم المقاعد الثلاثة بين لائحة «التيار الوطني» والأخرى برئاسة عازار. مؤكدة ان احداً منهما لن يحتكر التمثيل النيابي في جزين «وهذا ما نعمل من اجله للوصول الى ائتلاف من خلال صناديق الاقتراع كبديل من المواجهة المباشرة بين اللائحتين». الى ذلك، ومع إعلان بري من دارته في المصيلح في النبطية اسماء مرشحي لائحة «التنمية والتحرير المقاومة»، فإن استكمال اللوائح يجب ان ينتهي آخر هذا الأسبوع لا سيما في زحلة من قبل رئيس الكتلة الشعبية الوزير الياس سكاف وخصومه في الأكثرية، إضافة الى لائحة ثالثة غير مكتملة. وفي هذا السياق، علمت «الحياة» ان رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي يترك لحلفائه المسيحيين تسمية من يمثلهم من المرشحين، يلتقي اليوم النائب السابق محسن دلول في محاولة جدية لإحياء تعاون الأخير مع «المستقبل». فيما أخذت مصادر مواكبة في زحلة لتشكيل اللوائح تروج ان دلول سيترشح على لائحة الأكثرية من دون ان يصدر أي تعليق عن اوساط مقربة من الحريري. اضافة الى ان لائحة المعارضة في طرابلس لم تكتمل وهناك من يرجح ان يخوض رئيس الحكومة السابق عمر كرامي الانتخابات على رأس لائحة غير مكتملة باعتبار ان الترجيحات تؤهله لخرق لائحة التضامن الطرابلسي المدعومة من الحريري ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي. وبالنسبة الى لائحة دائرة بيروت الأولى (الأشرفية) فإن عدم الوصول الى تفاهم بين الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في شأن المرشح عن مقعد الأرمن الكاثوليك فيها ما زال يؤخر إعلانها. علماً ان اللقاء الأخير الذي جمعهما في معراب لم يحقق التقدم المطلوب لإقناع جعجع سحب مرشحه ريشار قيومجيان لمصلحة المرشح النائب سيرج طورسركيسيان المدعوم من الأحزاب والجمعيات الأرمنية المنتمية الى قوى 14 آذار. وعلمت «الحياة» ان جعجع يشترط في مقابل سحب مرشحه قيومجيان من بيروت الأولى، ضم مرشحه العميد المتقاعد وهبة قاطيشا الى لائحة «14 آذار» في عكار بدلاً من احد المرشحين الأرثوذكسيين النائب رياض رحال أو نضال طعمة. إلا ان الحريري لم يأخذ باقتراح جعجع باعتبار انه كان رعى منذ اسابيع إعلان اللائحة في عكار وأن لا مجال لسحب أي مرشح لما سيتركه من إرباك في صفوف الناخبين. وفي ظل استمرار الخلاف في شأن بيروت الأولى على حاله، هناك من يعتقد بأن استقواء عون على حلفائه في جزين وتمكنه من تشكيل لائحة مكتملة الصفوف دفع جعجع الى مطالبة حلفائه بالمثل بذريعة انه بذلك يقطع على عون طريق المزايدة على الأطراف المسيحيين المنتمين الى 14 آذار. اما في شأن معركة الأكثرية والمستقلين في كسروان، فإن الاتصالات مستمرة للوصول الى تفاهم لتشكيل لائحة قوامها النواب السابقون منصور غانم البون وفارس بويز وفريد هيكل الخازن والكتائبي سجعان قزي مع ان البعض يطالب بعدم إكمال اللائحة بمرشح خامس بذريعة ان بذلك يقطع الطريق على عون لتقديم نفسه الى الكسروانيين على انه ضحية وأن الآخرين يصرون على إسقاطه خلافاً للتقديرات التي تعطيه الأرجحية على منافسيه ما لم تطرأ تطورات غير مرئية تؤدي الى تغيير في المناخ الانتخابي.