أكد نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور ناصر الشهراني أن السعودية ماضية في جهودها لأجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان، بما في ذلك الوقاية من التعذيب، انطلاقاً من مبادئها القائمة على الشريعة الإسلامية التي تحرّم وتجرّم التعذيب وتعاقب عليه أياً كانت طبيعته وأياً كان مرتكبه، مطالباً لجان الأممالمتحدة وهيئاتها بالتصدي لمحاولة تسييس حقوق الإنسان. وأشار إلى أن المملكة اتخذت جميع الإجراءات والتدابير الضامنة لمناهضة التعذيب، استناداً لتشريعاتها الوطنية، والتزاماتها وفق ما تضمنه اتفاق مناهضة التعذيب، وغيره من اتفاقات حقوق الإنسان التي أصبحت المملكة طرفاً فيها. وقال في كلمته التي ألقاها في مستهل مناقشة تقرير المملكة العربية السعودية الدوري المقدم إلى اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب في الأممالمتحدة: «تولي المملكة اهتماماً كبيراً بتطوير مرفق القضاء ومراجعة التشريعات الوطنية لتطويرها أو إصدار تشريعات جديدة تسهم في حماية حقوق الإنسان عموماً»، مستعرضاً عدداً من الأنظمة التي صدرت أو طوّرت، وتجسد حجم الجهود التي تبذلها حكومة المملكة لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها. ولفت إلى نظام الإجراءات الجزائية الجديد، الذي احتوى على عدد من الضمانات في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، إذ يحظر تعريض المتهم للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة، كما أوجب تعريف المتهم عند القبض عليه بحقوقه المقررة نظاماً ومن ذلك أسباب القبض عليه أو توقيفه، وحقه في الاستعانة بمحام وحقه في الاتصال بذويه، كما نص النظام على أن تتحمل الدولة نفقات المحامي المكلف بالدفاع عن المتهم إذا لم يكن لدى المتهم القدرة المالية على ذلك. ونوّه بالأمر الملكي المعني بتشكيل لجنة مختصة لإعداد مشروع مدونة الأحكام القضائية (الفقهية)، التي ستمثل تدويناً وتقنيناً للجرائم والعقوبات الواردة في الشريعة الإسلامية، إذ قطعت اللجنة المكلفة بإعداد المشروع شوطاً كبيراً في استكمال أعمالها. وبيّن الشهراني أنه بهدف تعزيز دور المجتمع المدني، فإنه صدر نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتنظيم الهيئة السعودية للمحامين، كما صدر قرار مجلس الوزراء القاضي بتعديل تنظيم هيئة حقوق الإنسان لتصبح مرتبطة بالملك مباشرة وذلك لتعزيز استقلالها لتقوم بالدور المناط بها بصفتها هيئة معنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان. وأكد نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان التزام المملكة بجميع الاتفاقات التي انضمت لها والتي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، مطالباً لجان الأممالمتحدة وهيئاتها بالتصدي لمحاولة تسييس حقوق الإنسان، وسعي البعض إلى اتخاذها وسيلة للتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى ولتحقيق أهداف سياسية بعيدة عن واقع حقوق الإنسان وتطلعات الشعوب وطموحاتها. وتابع: «أُعدّ تقرير المملكة العربية السعودية وما يتصل به من وثائق وفق منهجية تكاملية شاركت فيها الجهات الحكومية ذات العلاقة، وبالتشاور والمشاركة الفاعلة من المجتمع المدني، ليعكس التقرير الجهود المبذولة في تنفيذ أحكام الاتفاقية». وشدد على الاستراتيجية التي تتبناها المملكة في مناهضة التعذيب التي ترتكز على مبادئ ثابتة تنطلق من أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة والتشريعات الوطنية والاتفاقات ذات العلاقة وعلى رأسها اتفاق مناهضة التعذيب، وتدعم هذه الاستراتيجية إرادة سياسية قوية، ويعززها نظام عدالة جنائية فاعل، وتتوافر فيها آليات للرصد والرقابة والمتابعة، وإن بناء إطار قانوني قوي ووجود تطبيق فعال مع توافر آليات الرصد والرقابة؛ تشكل جميعاً منظومة متكاملة لمناهضة التعذيب والوقاية منه. ولفت إلى تطبيق الأنظمة والاتفاقات ذات العلاقة بفعالية وكفاءة، بما في ذلك اتخاذ إجراءات التحقيق والادعاء والمحاكمة، وعقد برامج تدريبية للعاملين في مجال إنفاذ القوانين، ووضع التدابير والأدلة الإجرائية التعريفية، متوقعاً الانتهاء من إعداد الدليل التوجيهي الوطني الخاص بتطبيق الاتفاقات الدولية التي انضمت إليها المملكة الشهر المقبل. وأبان أنه جرى اتخاذ عدد من الإجراءات ومنها إنشاء مركز متخصص لتلقي بلاغات العنف الأسري على رقم مجاني يعمل على مدار الساعة، ويعمل هذا المركز بكادر نسائي بالكامل ويسهم في التدخل السريع في حالات الإيذاء، بالتنسيق مع الجهات الحكومية والمجتمع المدني في خدمة ضحايا العنف الأسري. وذكر أن الدور الرقابي يعد واحداً من الركائز المهمة للوقاية من التعذيب، ويتمثل ذلك في وجود رقابة إدارية داخل الجهات الحكومية ذات العلاقة، وإنشاء آليات مستقلة للرقابة تقوم من خلالها الجهات المتخصصة بزيارات وجولات تفتيشية للسجون ودور التوقيف وغيرها، والاستعانة بالتقنية والتطبيقات الإلكترونية في الرقابة والمتابعة؛ إذ تخضع هذه الأماكن لرقابة القضاء وهيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة حقوق الإنسان، كما يمارس المجتمع المدني دوراً مهماً في آليات الرقابة، مشيراً إلى ما تقوم به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من زيارات تفقدية واستقبال للشكاوى؛ فضلاً عن الدور الرقابي لمجلس الشورى من خلال دوره في مراقبة أداء الأجهزة الحكومية.