اتجهت الأزمة البرلمانية في العراق نحو المزيد من التعقيد بعدما أفشل النواب المعتصمون مبادرة الرئيس فؤاد معصوم الذي دعا إلى جلسة برلمانية طارئة، في حضور كل الكتل على أن يرأسها أحد أعضاء المجلس استناداً إلى المادة 11 من النظام الداخلي، ويتم خلالها طرح إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري على التصويت. وكان معصوم أوضح مبادرته في بيان جاء فيه أن «أعضاء هيئة الرئاسة سيحضرون الجلسة ويجلسون في صفوف أعضاء المجلس وفقاً للمادة 60 من النظام الداخلي»، وأكد أهمية «فسح المجال لسليم الجبوري لإلقاء كلمة يبين من خلالها وجهة نظره في ما يحصل وكيفية تجاوز الأزمة». وأضاف أن «المبادرة تطرح موضوع إقالة هيئة رئاسة البرلمان، على أن يقدم من يرغب في ذلك طلباً موقعاً بموجب القانون للتصويت عليه وفقاً للنظام الداخلي للمجلس، وفي حال إصرار المجلس على إقالة هيئة الرئاسة، يتم انتخاب هيئة جديدة، وفي حال عدم الموافقة على ذلك تستمر هيئة الرئاسة الحالية بممارسة مهماتها». وبادر الجبوري ونائبه همام حمودي وأرام الشيخ محمد أمس إلى رفض ترؤس عدنان الجنابي الذي انتخبه المعتصمون رئيساً الجلسة، ودعا المجلس إلى اختيار من يديرها، بناء على المادة 11 من النظام الداخلي للبرلمان. وأعلن الجبوري أنه «سيحضر الجلسة بقلب مفتوح واستعداد كامل للإجابة عن أي استفسار»، وأكد أن ليس لديه «خطوط حمر على ما سيطرح لأن الأهم هو استمرار جهود الإصلاح تحت قبة برلمان واحد». لكن النواب المعتصمين رفضوا مبادرة معصوم، واختاروا الجنابي ليرأس الجلسة، من دون توافق سياسي، ما دعا كتل «التحالف الكردستاني» و «تحالف القوى الوطنية» و «بدر» و «المواطن» إلى الانسحاب من الجلسة، فاضطر الجنابي إلى رفعها حتى الخميس المقبل. وقالت النائب عن «تحالف القوى الوطنية» نوره البجاري ل «الحياة» أمس أن «النواب المعتصمين أفشلوا مبادرة رئيس الجمهورية، وعقدت الجلسة في غياب الرئاسات الثلاث كما كان مقرراً». وأردفت أن «كتلاً سياسية كثيرة انسحبت من الجلسة بسبب خرقها القانون بعد استغلال النواب المعتصمين الحضورَ الواسع لتمرير اختيار عدنان الجنابي رئيساً، ولم يتمكن النواب المعتصمون من الاستمرار بسبب الإخلال بالنصاب». وأعلنت كتلة «التحالف الكردستاني» رفضها ما حصل، وقالت النائب علا طالباني خلال مؤتمر صحافي أن كتلتها حضرت الجلسة «تلبية لمبادرة رئيس الجمهورية لحل أزمة البرلمان». وتابعت أنها «فوجئت بالنواب المعتصمين يسعون إلى فرض أجنداتهم ولم يستجيبوا للمبادرة ولم يحترموها، واستمروا في الجلسة من دون اكتمال النصاب القانوني». وعلى رغم أن النواب المعتصمين تناقصوا في شكل كبير، وأخفقوا في عقد جلسة أخرى بعد الجلسة الوحيدة التي عقدوها الخميس الماضي وأقالوا خلالها الجبوري، إلا أنهم رفضوا المبادرات لإنهاء الأزمة. وتخشى الكتل الباقية التي تمتلك الغالبية المطلقة المضي في عقد جلسة برلمانية من دون النواب المعتصمين، خشية إقدامهم على إثارة الفوضى. وقال النائب عن كتلة «الأحرار» المشارك في الاعتصام عقيل عبد الحسين، خلال مؤتمر صحافي مع عدد من زملائه أنهم «يثمنون مبادرة رئيس الجمهورية الذي يعتبر حامي الدستور في دعوته إلى عقد جلسة لمجلس النواب ظهر اليوم (أمس)، لكن هذه الجلسة مرفوضة». وزاد أن «النواب المعتصمين أرسلوا مبادرة مع وفد رئاسة الجمهورية تتضمن نقاطاً يمكن التعامل بها وإعادة الوضع إلى ما هو عليه». ودعا الهيئات الديبلوماسية إلى «عدم التدخل في الشأن الداخلي للعراق»، وأكد أن «ما حصل هو انتفاضة للنواب من أجل الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد».