قال مسؤولون أمس، إن القوات الأفغانية تصدت لسلسلة جديدة من الهجمات على قندوز فقتلت العشرات من مقاتلي «طالبان»، فيما تعزز الحركة المتشددة جهودها لاستعادة المدينة الشمالية التي سيطرت عليها لفترة قصيرة العام الماضي. وتصاعدت حدة الهجوم على قندوز الذي يشارك فيه مئات من مقاتلي «طالبان» بعد أيام من إعلان الحركة عن بداية حملتها السنوية التي تشنها في الربيع وتهدف لإطاحة حكومة كابول المدعومة من الغرب. وأبرز استيلاء»طالبان» على قندوز لفترة وجيزة العام الماضي، تنامي قوتها وضعف استعداد قوات الأمن الأفغانية التي تقاتل بمفردها تقريباً بعد أن أنهى التحالف الدولي الذي يقوده حلف شمال الأطلسي عملياته القتالية في أفغانستان في 2014. وقال قاسم جانغالباغ، رئيس شرطة قندوز، إن الهجمات التي وقعت خلال الليل كانت تهدف إلى عزل منطقة تشاردارا على المشارف الجنوبية الغربية للمدينة والتي استخدمها المتشددون كقاعدة في هجوم العام الماضي، كما جرى استهداف العديد من الحواجز الأمنية. وأضاف: «أرادوا قطع الطريق الذي يربط المنطقة بمدينة قندوز لمنعنا من إرسال تعزيزات». وتابع أنه تم التصدي لهجوم كبير في جرخاب شرقي قندوز، إذ سعت قوات «طالبان» إلى إرهاق دفاعات المدينة. وتباينت تقديرات القتلى التي أوردها مسؤولون أفغان، فأعلنت شرطة قندوز أن 49 من مقاتلي «طالبان» قتلوا وأصيب 61 آخرون، في حين أعلنت وزارة الدفاع إن 38 قتلوا وأصيب 13 بجروح خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وقال ناطق باسم الشرطة إن أربعة من أفراد قوات الأمن قتلوا وأصيب 11 بجروح. وقال سعد مختار مدير قطاع الصحة العامة في قندوز، إن ستة قتلى و107 جرحى نقلوا إلى مستشفيات المدينة في الأيام الثلاثة الماضية. وتابع أن المستشفيات تعاني من ضغوط كبيرة بعد تدمير مستشفى تديره منظمة «أطباء بلا حدود» في غارة جوية أميركية العام الماضي. ويلقي القتال العنيف حول خامس أكبر المدن الأفغانية الضوء على المخاوف الواردة في تقرير للأمم المتحدة عن الضحايا المدنيين والذي أشار إلى ارتفاع كبير في أعداد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا نتيجة لتصاعد القتال في المنطقة. وأتى سقوط قندوز العام الماضي في أعقاب هجمات استمرت شهوراً وبدأت في الربيع. وأضعفت الهجمات قوات الأمن الأفغانية قبل أن يستولى مقاتلو «طالبان» على وسط المدينة في أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، ويسيطرون عليها لمدة أسبوعين قبل الانسحاب منها. وبذل المسؤولون جهوداً كبيرة هذا العام لطمأنة السكان إلى أن ما حدث العام الماضي لن يتكرر ورغم ذلك فر آلاف من المدينة. واستمر القتال المكثف في أشهر الشتاء خاصة في ولاية هلمند الجنوبية لكن مع اقتراب تحسن الطقس من المتوقع تزايد العمليات خاصة في الشمال بعد ذوبان الثلوج. على صعيد آخر، أعلنت الأممالمتحدة ارتفاع عدد الأطفال القتلى أو الجرحى في النزاع الأفغاني بمعدل 29 في المئة خلال الفصل الأول من العام الحالي نسبة إلى الفترة ذاتها من العام 2015. وقضى في النزاع بين الأول من كانون الثاني (يناير) و31 آذار (مارس) الماضيين، 600 مدني، في حين أصيب 1343 شخصاً بجروح، أي بزيادة 11 في المئة، وفق مكتب الممثل الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان نيكولاس هايسوم. لكن بعثة الأممالمتحدة أعربت عن قلقها من «تكثيف المعارك في المناطق المأهولة والتي قتل وجرح فيها نساء وأطفال بوتيرة أعلى بكثير من بقية السكان». وخلال الفصل الأول، قتل 161 طفلاً وجرح 449 آخرون، كما ارتفع عدد النساء الأفغانيات القتلى والجرحى بمعدل 5 في المئة. وقالت دانييل بيل، مسؤولة حقوق الإنسان في بعثة الأممالمتحدة في أفغانستان: «إذا استمرت المعارك بالقرب من المدارس وأماكن اللعب والمنازل والمستشفيات واستمر المتحاربون في استعمال العبوات الناسفة مثل مدافع الهاون والقنابل اليدوية الصنع، فإن عدد الأطفال القتلى أو الجرحى سيبقى على المستوى ذاته». ووفق الأممالمتحدة، فإن المتمردين مسؤولون عن 60 في المئة من الضحايا مقابل 19 في المئة ينسبون إلى القوات الحكومية، لكن هذا الرقم الأخير ارتفع إلى 70 في المئة نسبة إلى العام 2015. ومنذ انتهاء المهمة القتالية للحلف الأطلسي نهاية العام 2014، وسّعت حركة «طالبان» تمردها إلى شمال أفغانستان الذي كان في الماضي مستقراً نسبياً، في وقت أصبحت عملية السلام التي بدأت الصيف الماضي متوقفة.