لا يستند الجدل السياسي حول تحديد صلاحيات رئيس الوزراء العراقي الجديد، لمصلحة الكتلة التي ترشحه او مقابل زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية، الى اسس دستورية بسبب فشل البرلمان السابق في اجراء تعديلات دستورية بهذا الشأن. وأوضح القيادي في «التحالف الكردستاني» محمود عثمان في اتصال مع «الحياة» ان «تحديد الصلاحيات لا يمكن اقراره او العمل به ما لم يتم اجراء تعديل دستوري على الفقرات التي توضح تلك الصلاحيات بشيء من التفصيل». ولفت الى ان «لجنة التعديلات الدستورية لم تنجح في التوصل الى حلول ناجعة لذلك». وتابع «هناك خلل في تنفيذ بنود الدستور من قبل المؤسسة التنفيذية» مشيراً الى ان «الخلل ليس في بنود الدستور. بمعنى لو طبقنا نصوص الدستور كما هي لما حدثت خلافات او مشاكل او وصلنا لما نحن عليه الآن». و اعتبرت «جبهة التوافق» ان «الدعوة الى سحب جزء من صلاحيات رئيس الوزراء ومنحها الى رئيس الجمهورية مخالفة للدستور والقانون». وأوضح القيادي في «جبهة التوافق» رشيد العزاوي ان «حديث بعض الكتل السياسية عن سحب جزء من صلاحيات رئيس الوزراء ومنحها لرئيس الجمهورية غير وارد دستورياً بهذه الطريقة، فهناك اطر قانونية يجب اتباعها للوصول الى تحديد صلاحيات رئيس الوزراء». وتساءل في تصريحات صحافية «هل الداعون الى تقليص صلاحيات رئيس الوزراء ومنحها لرئيس الجمهورية قرأوا الدستور في شكل واضح؟ فالمادة 142 من الدستور أجازت إدخال تعديلات على المواد الدستورية لكن ضمن الأطر القانونية». وتابع العزاوي أن «الدعوات التي تصدر من هذه الكتلة أو تلك الكتلة في شأن الصلاحيات لا تستند الى أسس قانونية ولا يمكن تطبيقها لأنها مخالفة للفقرات الدستورية». وبحسب المادة 78 من الدستور العراقي فإن «رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، ويقوم بإدارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق بإقالة الوزراء بموافقة مجلس النواب». لكن رئيس الجمهورية جلال طالباني يستشهد بالمادة 66 من الدستور التي تنص على ان «تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وتمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون» باعتبارها اشارة الى اشتراك رئيس الجمهورية في اتخاذ القرار التنفيذي. ويعكس هذا التضارب بحسب مختصين خللاً في صوغ الدستور العراقي الذي جاءت العديد من فقراته متضاربة. ويرجع استاذ السياسة في جامعة النهرين ياسين البكري احد اسباب التضارب الى امتناع مجلس النواب السابق عن صوغ قوانين مكملة أوجبها الدستور تتعلق بصلاحيات الوزارات المرتبطة بمجلس الوزراء. ويشير البكري الى المادة 84 (اولاً) من الدستور التي تنص على ان «ينظم بقانونٍ، عمل الأجهزة الأمنية، وجهاز الاستخبارات الوطني، وتحدد واجباتها وصلاحياتها، وتعمل وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان، وتخضع لرقابة مجلس النواب». وأعرب البكري عن اعتقاده بأن ما يبدو كأنه تضاعف في صلاحيات رئيس الوزراء في الحكومة السابقة، خصوصاً ما يتعلق بالجانب الأمني، مرده عدم صوغ البرلمان التنظيمات التي شملتها هذه المادة والتي تحدد صلاحيات الوزارات والأجهزة الأمنية لتقف عندها حدود صلاحيات رئيس الوزراء. ويركز الدستور العراقي بحسب قانونيين على مصطلح «مجلس الوزراء» باعتبار ان مهمة رئيس الوزراء والوزراء تضامنية امام البرلمان. واكد مصدر في «ائتلاف دولة القانون» ان «الدعوة الى تحديد صلاحيات الحكومة وإضافة صلاحيات جديدة الى رئاسة الجمهورية لا يمكن تنفيذهما اذا لم يحظيا بدعم وتأييد غالبية القوائم النيابية». وأضاف المصدر الذي رفض كشف اسمه ان «صلاحيات رئيس الحكومة امر اقره الدستور والقانون باتفاق كل الكتل والنواب» لافتاً الى ان «الدعوات الى سحب صلاحيات رئيس الحكومة لن تجد لها مكاناً على ارض الواقع اذا ما علمنا ان غالبية الكتل الطامعة بمنصب رئاسة الحكومة تحاول جاهدة توسيع صلاحيات الحكومة الجديدة لا التقليل منها». وكان سياسيون في «الائتلاف الوطني العراقي» اقترحوا تحديد صلاحيات رئيس الوزراء المقبل الذي ينبثق من داخل كتلة الائتلاف ليكون خاضعاَ لصلاحيات الكتلة نفسها، ما يشمل حقها في اقالته من منصبه ومراجعة قراراته وتغييرها. وعلى رغم ان هذا الطرح يمكن الاتفاق عليه عملياً داخل الكتلة التي يفترض ان تنبثق من تحالف الائتلافين الشيعيين «الائتلاف الوطني» و» دولة القانون» الا ان ايجاد مسوغ دستوري له صعب للغاية ومحكوم برغبة رئيس الوزراء بتطبيق شروط كتلته ام لا، ما يشكل حجر الزاوية في اصرار «الائتلاف الوطني» على ابعاد رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي من دائرة المنافسة على المنصب باعتباره اقل التزاماً بتلك الشروط.