بات الشباب العربي يولي أهمية أكبر للاستقرار على حساب تحقيق الديموقراطية، وذلك بعد خمس سنوات من النضال لنيل حقوقة المدنية وتحقيق العدالة والمساواة في «الربيع العربي»، الذي أطاح أربعة قادة وأفضى إلى صراعات دامية في كل من سورية وليبيا. واظهر استطلاع أجرته مؤسسة «أصداء بيرسون-مارستيلر»، لرأي 3500 شاب وشابة من 16 بلداً عربياً، أن مطلب الشباب في المنطقة بتحقيق الديموقراطية والحرية السياسية بات يتراجع، في ظل تدهور الأوضاع السياسية في المنطقة. يهدف هذا الاستطلاع السنوي إلى تقديم صورة واقعية عن مواقف الشباب العربي ووجهات نظره، بما يتيح تزويد مؤسسات القطاعين العام والخاص ببيانات وتحليلات ميدانية تساعدهم في اتخاذ القرارات ووضع السياسات السديدة. وتم إجراء مقابلات معمقة مع المشاركين حول موضوعات عديدة، ابتداء بالمسائل السياسية وانتهاء بالمواقف الشخصية، تناولت مخاوف وتطلعات الشباب العربي وتوقعاتهم حيال الاقتصاد، وآراءهم حول تأثير البطالة وانخفاض أسعار النفط، حقوق المرأة، وتبعات الربيع العربي، واستخدامهم وسائل الإعلام. وأشار الاستطلاع إلى أن 26 في المئة من الشباب الذين استطلعت آراؤهم، أكدوا أن العالم العربي بات أفضل حالاً عقب أحداث الربيع العربي، مقارنة ب27 في المئة التي تم تسجيلها في ذروة اضطرابات عام 2012. وتفاوت إرث الربيع العربي بشكل ملحوظ بين البلدان الأربعة المستطلعة، والتي شهدت تحولات جذرية نتيجة أحداث الربيع العربي. وتعتبر مصر البلد العربي الوحيد الذي شملته هذه الأحداث، وتؤمن غالبية شبابه بأنه تغير نحو الأفضل. وفي المقابل، لا تراود هذه الفكرة سوى ستة في المئة من الشباب اليمني، و4 في المئة من الشباب الليبي، 0.4 من الشباب التونسي. وناشد ثلثا المشاركين في الاستطلاع (67 في المئة) قادتهم لبذل جهود أكبر من أجل تعزيز الحريات الشخصية وحقوق الإنسان. كما اتسع نطاق الاعتقاد بضرورة بذل مزيد من الجهود في مجال حقوق الإنسان؛ وهو ما يوافق عليه 74 في المئة في بلدان الخليج العربي، و57 في المئة في دول شرق المتوسط واليمن، و68 في المئة في بلدان شمال أفريقيا. وتقارب هذه النسبة (67 في المئة) الموافقين على أن على القادة الإقليميين بذل المزيد من الجهود للارتقاء بحرية وحقوق المرأة. وأبدى ثلاثة من كل أربعة مشاركين قلقهم من تزايد نفوذ تنظيم «داعش» الإرهابي، فيما اعتقد واحد فقط من أصل كل ستة مشاركين في الاستطلاع، أن التنظيم سينجح في نهاية المطاف بإقامة دولة إسلامية في العالم العربي. وعلى رغم تزايد القلق حيال «داعش»، إذ يرى 50 في المئة من الشباب المشاركين في الاستطلاع أن التنظيم يشكل العائق الأكبر في المنطقة، مقارنة ب37 في المئة في العام الفائت، إلا أن المعطيات تشير إلى انحسار الدعم الضمني الذي يحظى به، فقد قال حوالى 13 في المئة من الشباب العربي إنهم قد يدعمون التنظيم لو لم يستخدم العنف المفرط. واعتقد ربع الشباب العرب المشاركين في الاستطلاع (24 في المئة)، أن الافتقار إلى الوظائف والفرص يعد أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الشباب للانضمام إلى صفوف «داعش»، في حين أن واحداً من بين كل أربعة أشخاص (25 في المئة) لا يستوعب سبب انضمام أي شخص إلى هذا التنظيم المتطرّف. وأشار الاستطلاع إلى أسباب أخرى تشجع على الانضمام إلى «داعش» بما فيها الاعتقاد أن تفسيره للإسلام هو الأصح (18 في المئة)، والتوترات الطائفية بين السنة والشيعة (17 في المئة)، وبزوغ القيم العلمانية الغربية في المنطقة (15 في المئة). وأكد نحو نصف الشباب العرب (47 في المئة) المشاركين في الاستطلاع أن العلاقات بين السنة والشيعة تدهورت خلال السنوات الخمس الماضية. ومن ناحية أخرى، فإن أكثر من نصف الشباب العربي (52 في المئة) يؤمنون بأن الدين يلعب دوراً أكبر مما ينبغي له في منطقة الشرق الأوسط، ويترسخ هذا المفهوم في المنطقة، حيث وافق على ذلك 61 في المئة من الشباب الخليجي، و44 في المئة من الشباب في دول شرق المتوسط واليمن، و47 في المئة في شمال أفريقيا. عندما سئل الشباب العربي عن الحليف الأكبر لبلدانهم، تبوأت السعودية (31 في المئة) المركز الأول للعام الخامس على التوالي، تلتها الإمارات العربية المتحدة (28 في المئة)، ثم الولاياتالمتحدة الأميركية (25 في المئة). وتمثلت أكبر التطورات في العلاقات الإقليمية منذ عام 2015، بتصاعد نفوذ إيران التي أصبحت لأول مرة من أهم 10 حلفاء في «استطلاع أصداء بيرسون- مارستيلر السنوي لرأي الشباب العربي» حيث اعتبرها 13 في المئة من الشباب العربي حليفاً لبلدانهم. وأعرب نحو واحد من أصل كل 4 مشاركين (22 في المئة) باستطلاع «أصداء بيرسون- مارستيلر السنوي الثامن لرأي الشباب العربي» عن تفضيلهم العيش في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال عدد مماثل (23 في المئة) إنهم يتمنون أن تحذو بلادهم حذوها. كما احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى بالنسبة إلى رواد الأعمال المحتملين من الشباب العرب الذين أعربوا عن رغبتهم بتأسيس مشروعهم الخاص فيها، إذ اعتبرها واحد من أصل كل 4 (24 في المئة) وجهة الأعمال المفضلة لهم في العالم العربي، تلتها المملكة العربية السعودية (18 في المئة)، وقطر (13 في المئة). وأشار 2 من كل 3 من الشباب العربي (66 في المئة) إلى قلقهم إزاء هبوط أسعار الطاقة مقارنةً بنسبة 52 في المئة في عام 2015. فيما لا يزال 4 من أصل كل 5 مشاركين في الاستطلاع (78 في المئة) يعتقدون بأحقيتهم في الحصول على دعم لتكاليف الطاقة، وفي حال رغبت حكوماتهم بإيقاف الدعم، يعتقد نحو نصف المواطنين العرب من الشباب (49 في المئة) بوجوب اقتصار ذلك على المقيمين فقط. وبينما قال 32 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أنهم يحصلون على الأخبار اليومية إلكترونياً، أشار 29 في المئة إلى أنهم يلجأون إلى مشاهدة التلفزيون، و7 في المئة إلى قراءة الصحف للاطلاع على الأخبار والمستجدات اليومية (مقارنة ب 13 في المئة في عام 2015). ويبدو واضحاً الدور المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي كمنصات إخبارية، إذ يشير 52 في المئة من المشاركين بالاستطلاع إلى اعتمادهم على «فايسبوك» لمشاركة المقالات الإخبارية التي يقرأونها مقارنة ب 41 في المئة في العام الماضي.