رجّحت مصادر رسمية أردنية، أن يجري رئيس الحكومة عبدالله النسور، تعديلاً وزارياً يقضي بملء المقعد الشاغر في حكومته، بعد خروج وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة، معتلياً الكرسي الأول للهيئة المستقلة للانتخاب، قبل نحو 10 أيام. وتعتبر الأيام العشرة مدة استثنائية في عمر الحكومات الأردنية، إذ لم تسجل أي سابقة تاريخية في تأخير ملء المقعد الشاغر مثل هذه المدة، خصوصاً في ظل حظر الدستور الأردني تولّي وزير بالوكالة تسيير أعمال الوزارة، ما دام وزيرها الأصيل مستقيلاً وليس مسافراً. وذهب مراقبون لتأويل حالة النسور الذي تأخر بإجراء التعديل الخامس على حكومته، بأنه يعيش حالة من عدم اليقين في شأن مصير حكومته الأطول عمراً في عهد الملك عبدالله الثاني، ويعتقدون أن حكومته قد لا يسعفها الوقت، في ظل توقعات لهم رصدت مزاج مراكز القرار، الذي أبدى «تململه» من سياسات النسور الذي استكمل أجندة أعماله. والحال، أن مقعد الحكومة الشاغر صار حتى كتابة التقرير، مصدراً لتسريبات نواتها مراكز نفوذ متعددة، منها أن الرئيس يتريث في انتظار الضوء الأخضر من القصر لإجراء تعديل وزاري موسّع يشمل 5 حقائب، في حين ذهبت تسريبات إلى تبرير تأخر النسور في تعديله بأسباب ارتبطت بوجوده في اسطنبول مندوباً عن الملك الأردني في القمة الإسلامية التي اختتمت أعمالها الجمعة. لكن مراكز سياسية مناوئة لحكومة النسور، رأت أن النسور استنفد مبررات بقائه رئيساً للحكومة، وأن صاحب القرار ينتظر موعداً قريباً لإجراء تغيير حكومي يسبق موعد انتهاء الدورة العادية المنعقدة، التي تنتهي منتصف أيار (مايو) المقبل، استعداداً لعقد دورة برلمانية استثنائية يتصدّر جدولَ أعمالها تعديلٌ دستوري، يفك الارتباط بين مصير رئيس الحكومة وحل مجلس النواب وتقديم استقالته تباعاً، كما يفك الحظر على مزدوجي الجنسية من تسلّم المواقع الرسمية أو الترشح للانتخابات النيابية. ويؤشر هؤلاء بوضوح، وأمام ما حسمته دائرة القرار في عمان وقرارها بإجراء انتخابات مجلس النواب الثامن عشر في الربع الأخير من العام الحالي، إلى أنه سيصار إلى تحديد الموعد الدقيق لإجرائها ضمن جدول زمني تم حصره بين شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) المقبلين، ما يضع الساحة السياسية أمام متغير جديد وهو إبلاغ الهيئة المستقلة للانتخاب بانتهاء استعداداتها لإجراء الانتخابات وفقاً لقانون الانتخاب الجديد، الذي اعتمد نظاماً انتخابياً بصوت متعدد للقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الدائرة التي اعتمدت حدودها الإدارية بأحجام المحافظات، مع تقسيم محافظات الكثافة السكانية (عمان، الزرقاء، وإربد) إلى 11 دائرة انتخابية. مصدر الإشاعات التي تطاول مصير حكومة النسور هو مجلس النواب الحالي، الذي دخل في معركة كسر عظم مع الحكومة، على خلفية أن النسور سعى الى المساس باستقلالية السلطة التشريعية، عبر كف يد رئيس مجلس النواب عن تعيين الوظائف الشاغرة في دوائر المجلس المتعددة، ما أشعل حرب مراسلات بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، ألهبت الساحة المحلية بعاصفة من التكهنات، بعد تسريب مضامين الرسائل. وتجلت حرب المناكفات أخيراً بين السلطتين، عبر الظهور التلفزيوني لرئيس الائتلاف النيابي خالد البكار، الذي شنّ هجوماً قاسياً على حكومة النسور، معتبراً أنها «التفّت» على مبادئ الشراكة مع الائتلاف، وأنها «سعت إلى تحجيم دور السلطة التشريعية وتشويه صورتها»، مستعرضاً سيلاً من القرارات الأحادية للنسور، قطعت حبل التعاون بين السلطتين. والحال، أن مجلس النواب يسعى، وفق مصدر نيابي رفيع، الى «مقايضة» سياسية من قبيل إقالة حكومة النسور وتمرير الحكومة الجديدة، مع التنازل عن عرف المشاورات النيابية الذي انتهجه الملك الأردني، في مطلع عمر المجلس الحالي، كما يقدّم المجلس «حوافز» سياسية تقضي بسرعة تمرير التعديلات الدستورية، على أن يطلبها الملك، وفق المصدر ذاته.