رجحت مصادر نيابية مطلعة أن يجري الملك الأردني عبدالله الثاني تغييراً على حكومة عبدالله النسور، خلال آذار (مارس) المقبل، على أن لا يبتعد موعد رحيلها عن شهر أيار (مايو) المقبل. وشكل عبدالله النسور حكومته الأولى في تشرين الأول (أكتوبر) 2012، فيما شكل حكومته الثانية بعد مشاورات نيابية أجراها القصر الملكي في شباط (فبراير) 2013 ليكون أول رئيس حكومة في عهد الملك عبدالله الثاني يخضع لاختيار البرلمان الأردني، في عرف جديد. وكان عبدالله الثاني ولدى افتتاحه أولى دورات مجلس الأمة في شباط 2013، أكد أن نهجاً جديداً في الحكم يقضي ببقاء الحكومة طالما تحظى بثقة النواب، وأن النواب يبقون طالما يحظون بثقة الشارع. لكن اللافت لمراقبين اتساع فجوة الثقة بين الشارع الأردني والسلطتين النيابة والتنفيذية، بعد سياسات الحكومة الاقتصادية التي استهدفت جيوب الطبقة الوسطى وأصحاب الدخل المحدود، وقراراتها الأخيرة التي وصفت ب «الجبائية»، في حين يلاحظ متابعون حالة عزوف الشارع عن متابعة جلسات مجلس النواب، بعد أداء بعض النواب الذي وصف ب «المصلحي والاستعراضي». وربطت مصادر نيابية في حديثها الى «الحياة» بين انتهاء عمر الحكومة الحالية، بانتهاء مجلس النواب من إقرار قانون الانتخاب، الذي فرغت اللجنة الفنية القانونية مؤخراً من صياغة بنوده، استعداداً لطرحه على جدول أعمال المجلس مطلع شباط المقبل. وأمام ضغوط سياسية يتعرض لها أقطاب فاعلون في مجلس النواب، رجحت مصادر مطلعة أن يمرر البرلمان مشروع القانون الأكثر جدلاً على الساحة المحلية، بصيغة الصوت المتعدد للقائمة النسبية على مستوى الدوائر الانتخابية، التي ستقسم ضمن الحدود الإدارية للمحافظات ومناطق البادية، مع تقسيم المحافظات الرئيسية الكبرى (عمان والزرقاء وإربد) لأكثر من دائرة. لكن مراقبون يؤكدون أن تطورات اللحظة الأردنية الأخيرة أدت إلى بلورة مقترحات وبدائل جديدة يعكف مركز القرار على تحضيرها، وقد تؤدي إلى العودة عن قرار الملك بربط مصير الحكومة مع البرلمان، خصوصاً أن المدة الدستورية لمجلس النواب الحالي تنتهي في نهاية كانون الثاني (يناير) العام المقبل. مصادر ذكرت ل «الحياة» أن سيناريوات يعكف على تحضيرها عناصر فاعلة في مجلس السياسات الأعلى في القصر الملكي، بينها اتخاذ قرار حاسم بإقالة الحكومة الحالية، وإجراء «مشاورات تقليدية مع البرلمان»، تفضي إلى تشكيل حكومة جديدة سريعاً، بما يحول دون تعطيل عمل السلطة التشريعية، التي يمنع الدستور الأردني غيابها، بعد حظره لإقرار القوانين الموقتة في غياب مجلس النواب، إلا في حالات محددة كإعلان حالة الطوارئ أو حدوث الكوارث العامة، أو صرف النفقات العاجلة. واستبعدت المصادر نفسها ان يتخذ القصر قراراً بحل البرلمان الحالي، الذي يحتاج إلى قرار من الحكومة، والتي عليها بعد إحالة القرار الى الملك أن تقدم استقالتها، لكن بإمكان صاحب القرار الدعوة لإجراء انتخابات قبل انتهاء عمر المجلس الحالي بأربعة شهور، وهو ما لا يعارضه الدستور الأردني، ويحصن الحكومة من الرحيل، إذا استطاعت تجاوز امتحان الثقة من البرلمان الجديد. بموازاة ذلك لم تستبعد المصادر أيضاً أن يبقي الملك الأردني على المجلس الحالي وفق صلاحياته بالتمديد له لسنة أو سنتين، وهو ما نص عليه الدستور في باب صلاحيات الملك، خصوصاً في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعيشها دول جوار الأردن، سورية والعراق، وحتى الضفة الغربية. ما سبق يسقط حسابات المقايضة التي قدمها رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور لأعضاء بارزين في مجلس النواب، في أن «يمرروا» قانون موازنة الدولة، لمصلحة بقائهم عاماً جديداً، وهو ما تداوله نواب على نطاق واسع خلال مناقشات مشروع قانون الموازنة الذي أقره النواب بالغالبية نهاية الأسبوع الماضي. مصادر برلمانية مطلعة أكدت ل «الحياة» بأن النسور فاوض النواب على «قرار ليس من صلاحياته»، وأكدت المصادر ذاتها أن رئيس الحكومة يعاني اليوم أكثر من اي وقت مضى من «انقطاع في الاتصال مع مركز القرار، بسبب قرارات جدلية اتخذها، وسببت توتراً محلياً».