السوريون حين يبكون ابتهاجا    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    مغنية تبكي بسبب «أوزمبيك».. وتحمله سبب ترقق العظام    5 علامات للشامات تثير شبهة السرطان    «التأمينات»: ل«المنشآت»: أيام وتنتهي مهلة الإعفاء من الغرامات    3,000 سعودي وسعودية يشاركون تطوعاً في «برنامج أمل» لمساعدة السوريين    30 يوماً لرفع ملفات حماية الأجور في «مُدد»    في الشباك    محكمة جدة تسقط دعوى مواطن لسكوته على عيوب «شقة تمليك» أكثر من عام !    متنزه المغواة    بيع خروف ب85 ألف ريال    الإبل تجوب فياض رفحاء    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    لبنان تخلع العمامة !    زيلينسكي يناشد الدعم الغربي لإنهاء الحرب    فلسطين تحذر من خطورة مخططات الاحتلال على المنطقة    الرئيس الأوكراني يطلب الدعم من الغرب    انفجار يقتل قيادياً بارزاً موالياً لروسيا في دونيتسك    «منصة مدارس».. عربات قطار التعليم السريع    موعد مباراة الهلال وبرسبوليس الإيراني    الأهلي يتصدر.. والنصر «يتمخطر»    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الوصل    اتهامات الدفع الرباعي في دوري روشن    السائقة السعودية أرجوان عمار: مشاركتي في رالي حائل زادت قدراتي التنافسية    السعودية.. رؤية ملهمة لدعم رياضة المرأة    600 مليون ريال لتطوير وتنمية المنطقة الشرقية    توقيع ست مذكرات لوقف الشفاء بالمدينة    مدير تعليم الطائف: تطبيق الاستثمار في التعليم يحقق المستهدفات    خدمات تطوعية صحية لأكثر من 250 ألف مستفيد    البيتزا تقتل سيدة حامل    تتعاطف مع قاتل ابنتها وتدعم براءته    أمانة جدة تصدر وتجدد 6,043 شهادة صحية خلال شهر يناير الماضي    ارتفاع حجم الإنفاق عن طريق نقاط البيع بنهاية عام 2024م    بصرك اليوم حديد    العداوة المُستترة    سمعًا وطاعة والتزامًا بالقرار الحكيم    عدد من معلمي التربية الفنية في بيش يزورون متحف الجندلي التراثي    إرث ثقافي    المملكة والهند تعززان الاستثمارات الصناعية    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج الملك للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    أمير الجوف يستقبل قائد حرس الحدود    «التخصصي» يُصنَّف 15 عالمياً    موانع الحمل ثنائية الهرمون    محمد عبده ل«عكاظ»: الاعتزال لا يزعجني وأغني بتحضير دقيق مع بروفة    القنفذة: «مؤسسة حسن الفقيه» تبدأ مسيرتها لإثراء الساحة الثقافية    العمر لا يمنع رونالدو من التسجيل    الشرع: لقاء الأمير محمد بن سلمان يؤسس لعلاقة إستراتيجية بين السعودية وسورية    رئيس الوزراء الصومالي يصل جدة    مفوض الإفتاء في جازان: اللحمة الوطنية واجبٌ ديني ومسؤولية مجتمعية    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



براكين عملاقة «تهدّد» بمعاودة ثورانها عالميّاً وعربيّاً
نشر في الحياة يوم 12 - 04 - 2016

يمثّل البركان العملاق («سوبر فولكانو» Supervolcano) وحشاً جيولوجياً مهولاً لا يقارن بالصورة الراسخة في معظم مخيّلات البشر عن البراكين وثوراناتها. ووفق الآثار التي تركتها تلك الوحوش في طبقات الأرض، تعتبر ثورة البراكين العملاقة كارثة تهدّد الكوكب الأزرق بأكمله. وإذا كان آخرها يعود إلى حقب ما قبل التاريخ، فإن الأمر المقلق هو أنه من شبه المستحيل التكهّن بموعد ثورانها المقبل.
في جزيرة «سومباوا» الإندونيسية، كان جبل «تمبورا» يرتفع 4300 متر فوق سطح البحر، قبل 200 سنة. وحينها، تحديداً في العاشر من نيسان (أبريل)، ثار بركان من فوهة ذلك الجبل بقوة غير مسبوقة. وبعد ساعات من الثوران المتقطّع، انفجر الجبل بقوة رهيبة، مطلقاً حممه الكثيفة عبر ثلاثة أعمدة هائلة من النيران، ومزمجراً بصوت مخيف سمع على بُعد ما يزيد على ألفي كيلومتر في كل اتجاه حول البركان.
وعلى امتداد عشرات الكيلومترات حول الجبل المشتعل، هطلت أمطار من الحجارة والحمم تلاها انتشار للرماد عبر دائرة قطرها 1300 كيلومتر. وتدفقت الحمم البركانية من الجبل بارتفاع وصل إلى 20 كيلومتراً من قمّته، محوّلة مدينة «تمبورا» المجاورة إلى خراب تام، بل تسببت بمقتل ما يزيد على 60 ألف ضحية. وعلى امتداد مئات الكيلومترات في سماء الجبل، هيمنت عتمة تامة لأيام عدّة. وحين انقشع الظلام كان المشهد كارثياً وغريباً. سهول من رماد، ودخان ينبعث من كل مكان حول الجبل. لكن الأكثر صدمة هو أن «تمبورا» أصبح نصف جبل! وبعد أن كان يشمخ بقمة ترتفع إلى قرابة 4300 متر، بات ذلك الجبل بلا قمة، وانخفض علوّه إلى قرابة 2850 متراً، وبدلاً من القمة المرتفعة نشأت حفرة عظيمة قطرها 6 كيلومترات وعمقها 600 متر.
ومن يعرف مدينة عدن في جنوب اليمن، يصعب أن يقاوم المقارنة مع ذلك المشهد. يكفي القول أن أحد أشهر أحياء عدن يحمل إسم «كريتر»، وهو اللفظ بالعربيّة لكلمة Crater بالإنكليزية التي تعني فوّهة البركان.
خضّة الغلاف الجوّي
لم تقتصر أضرار الحدث على بلدة «تمبورا» المنكوبة، بل أصابت الكوكب برمته. إذ وصلت الانبعاثات الكبريتية الصادرة عن ذلك البركان إلى طبقة ال»ستراتوسفير» على ارتفاع 15 كيلومتراً تقريباً في الغلاف الجوّي. وبأثر من تيارات ضخمة وسريعة من الهواء في ال»ستراتوسفير»، شرعت سحب الكبريت البركاني في الدوران حول الكرة الأرضية، ما أدّى إلى تحطيم التوازنات المناخيّة للكوكب برمّته. وبفعل ثوران بركان «تمبورا»، اعتبرت سنة 1816، «سنة بلا صيف» في أوروبا وشمال أميركا. فقد تدنّت الحرارة في تلك المناطق إلى أقل من معدلاتها الطبيعيّة بكثير خلال تلك السنة، كما كانت المحاصيل قليلة إلى حدّ أثار مخاوف من حدوث مجاعة شاملة. ومثلاً، غطّت الثلوج منطقة «كيبيك» الكنديّة بسماكة 30 سنتيمتراً في عزّ فصل الصيف الذي لم يأتِ في ذلك العام!
وحاضراً، يقدّر خبراء البراكين قوة بركان تمبورا بما يتراوح بين 6 و 7 درجات على المقياس المعتمد في قياس ثوران البراكين. ويحمل المقياس اسماً معناه «مؤشّر انفجاريّة البركان» («فولكانِك إكسكلوزيفتي إنديس» Volcanic Exclusivity Indes)، وهو يتضمّن 8 درجات كحد أعلى. كما يقدّر العلماء كميات الصهير البركاني، (يسمّى علمياً «ماغما» Magma) التي قذفها ذلك البركان، بما يتراوح بين 30 و 50 كيلومتراً مكعباً. وبالمقارنة، لم يقذف بركان «فيزوف» الشهير الذي طمر مدينتي «بومبي» و»هيركولانوم» الإيطاليتين عام 79 ميلادية، سوى 3.25 كيلومتر مكعّب من ال»ماغما»، كما أن مستوى ثورانه لم يتعد 5 درجات.
ماذا يحدث عند الدرجة 8؟
إذا كان بركان «تمبورا» بقوّته التي تراوحت بين 6 و7 درجات، تسبب بتلك الصورة المهوّلة، كيف تكون الحال إذا ثار بركان أعظم بقوة 8 درجات أو أكثر؟ لحسن حظ البشر، لم يثر بعد «سوبر فولكانو» من ذلك النوع، خلال تاريخهم المعروف. لكن ذلك لا يدعو إلى النوم على وسادة من حرير، إذ يؤكّد كثيرون من علماء البراكين أن «سوبر فولكانو» بقوة 8 درجات ثار فعليّاً في حقب غابرة من الماضي السحيق للكرة الأرضيّة، ما يعني إمكان تكرار ذلك الحدث الكارثي في المستقبل، بل أن بعضهم يخشى ألاّ يكون ذلك الأمر بعيداً!
في الحديقة الوطنية العامة في بلدة «يلوستون» في غرب الولايات المتحدة، ينعم السيّاح حاضراً بمشهد قطعان الثيران البريّة المنتشرة هناك، والمياه الجوفيّة الحارة التي تنبثق من عشرات النقاط المنتشرة على مساحة تلك الحديقة. لكن مهلاً: فتحت سطح تلك المنطقة الخلابة يقبع وحش جيولوجي عملاق، بل أنه «ينام» على عمق لا يتجاوز بضعة كيلومترات من سطح الأرض!
ووفق دراسات الجيولوجيين، شهدت تلك الحديقة في ماضٍ غابر يرجع إلى ما قبل ظهور البشر، ثلاثة فورات بركانيّة قذفت كميات هائلة من ال»ماغما» لا يمكن تخيلها. ويعود أقدم تلك الفورانات إلى قرابة 2.1 مليون سنة سالفة. وحينها، قذف بركان أسطوري ما يقدّر ب 8.1 بليون طن من الحمم، بحجم بلغ 2450 كيلومتراً مكعباً، وهي كمية تكفي لطمر دولة كبيرة مثل فرنسا تحت 4 أمتار من التراب!
وليس بركان «يلوستون» يتيماً في التعبير عن الغضب الكارثي الكامن في قلب الأرض! ففي العام 1949، جرى اكتشاف تراكمات بركانيّة سميكة في بلدة «طوبا» الكائنة في جزيرة سومطرة الإندونيسيّة، يعود تاريخها إلى 74000 سنة خلت. وفي تلك البلدة، اكتشف الجيولوجيون قرابة 50 موقعاً مشابهاً على امتداد الكوكب. وعندما تثور براكين من نوع «سوبر فولكانو» وتنتهي من إفراغ جوفها من الحمم الناريّة الملتهبة، يلي ذلك أنّها تنهار على نفسها وتصنع حفراً دائرية كبيرة تسمّى «كالديرا» أو حَرّات (جمع حَرّة). ويصل قطر بعض تلك الحفر العملاقة، إلى 100 كيلومتر. وفي معظم الأحوال، يعمل الزمن وعوامل المناخ على تحويل تلك الحفر الغائرة، بحيرات مرتفعة عن سطح الأرض.
أحمد شعلان
رئيس الهيئة الوطنيّة للعلوم والبحوث - لبنان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.