عادت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة تشغل بال الغزيين وتثير غضبهم وحنقهم على المسؤولين الفلسطينيين، خصوصاً حكومة رام الله برئاسة الدكتور سلام فياض المتهمة بتقليص كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع. وازدادت خلال الأيام الاخيرة ساعات قطع التيار عن المدن والقرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين المكتظة بسكانها والسيئة التهوية، اذ ينقطع التيار بين ثماني الى عشر ساعات متواصلة يومياً، في وقت ارتفعت فيه درجات الحرارة في شكل كبير وزادت نسبة الرطوبة ايضاً. ولوحظ خلال الايام الاخيرة انقطاع آخر للتيار أحياناً ساعة واحدة أو ساعات عدة متقطعة، ما أدى الى تعطل الكثير من الأجهزة الكهربائية وعرقلة وصول إمدادات مياه الشرب وأثر في قطاع الصحة والاعمال وغيرها من القطاعات. وجاءت الازمة ايضاً في وقت يخوض فيه مئات آلاف الطلاب والتلاميذ في المرحلتين الابتدائية والاعدادية امتحانات نهاية العام الدراسي، كما يستعد طلاب الثانوية العامة (التوجيهي) لتقديم الامتحانات خلال الايام المقبلة. ومن المتوقع تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي بسبب عدم تمويل السلطة الفلسطينية شراء كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطة التوليد. وقال مسؤول العلاقات العامة في شركة التوزيع جمال الدردساوي أمس إن سلطات الاحتلال «تسمح بإدخال كميات من الوقود تكفي لتشغيل مولدين في محطة التوليد، لكن سلطة الطاقة (التابعة للسلطة الفلسطينية) في رام الله تمول كمية وقود لتشغيل مولد واحد فقط». وأضاف في حديث لوكالة «صفا» الاخبارية المحلية أن «وزارة المال في رام الله تدفع 24 مليون شيكل شهرياً تكفي لإمداد مولد واحد بالوقود، بدلاً من 50 مليون شيكل (نحو 13 مليون دولار) كان يدفعها الاتحاد الأوربي لتشغيل المولدين بقدرة توليد تصل الى 65 ميغاوات»، مشيراً إلى أن «المحطة تولد حالياً بين 25 إلى 30 ميغاوات فقط». وقال مسؤول أوروبي في وقت سابق ل «الحياة» إنه «منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي توقف الاتحاد عن دفع المبلغ مباشرة لتمويل الوقود، وأصبح يدفع المبلغ الى خزانة السلطة بناء على طلب فياض، على أن يتم تحويل المبلغ اللازم للوقود من الخزانة». لكن حكومة فياض لم تحول كل المبالغ المطلوبة منذ ذلك الحين، وطلبت من شركة التوزيع تغطية العجز من الجباية، على رغم أن الجباية ليست كما يجب في ظل وجود معدل بطالة وفقر يصل الى أكثر من 70 في المئة من سكان القطاع. وأجريت محاولات عدة للتوصل الى حل للأزمة، من بينها محاولة رجل الأعمال المستقل ياسر الوادية الذي أسفرت مساعيه عن توقيع اتفاق تلتزم بموجبه حكومة فياض دفع المبالغ المستحقة لشراء الوقود اللازم البالغ مليونين ومائتي ألف لتر فقط من السولار الصناعي، التي تسمح اسرائيل بإدخالها الى غزة اسبوعياً، لكنها لم تفِ بوعودها.