يعترف بندر (31 عاماً) بأنه لم يكن مقتنعاً بتخصصه في المرحلة الجامعية، فهو خريج «علم نفس» من جامعة الملك سعود في الرياض. وكان يعتقد خلال دراسته «أنه لا مستقبل ينتظره سوى سوق العمل الحر»، لذا سرعان ما استجاب لأحد أصدقائه، قبل أن يتشارك معه في توصيل مجموعة من الموظفات عبر سيارة يتقاسمان تسديد أقساطها الشهرية. يقول: «لم أكن متفوقاً في دراستي، وكنت قدمت من قريتي باحثاً عن مجال رحب أبني من خلاله مستقبلي، ولكني وجدت الأبواب موصدة في وجهي، فقررت ألا أضيع الكثير من أيام عمري، وأن أجعل الهدف من الدراسة هو الحصول على شهادة جامعية فقط. بينما أقوم صباح كل يوم بنقل مجموعة من المدرسات والممرضات وموظفات القطاع الخاص إلى أعمالهن، وكان العمل محفزاً للاستمرار». وعرضت عليه إحدى المدرسات اللاتي كان يصطحبهن يومياً، العمل «سائقاً خاصاً» لدى إحدى زميلاتها، ولكنه رفض، موضحاً أن سبب رفضه الشعور بالإهانة «فمهما كان الأمر مربحاً إلا أنه لا يحظى بالتقدير بين شرائح المجتمع، ما يجعلني، إن قبلت به، يجب أن أكون متوارياً عن الأنظار، وبعيداًَ عن الأماكن التي يتجمع فيها أقاربي في أطراف العاصمة، وهذا كان صعباً عليّ آنذاك» على حد قوله. في الظهران، وجد بندر ضالته المعيشية، وقرر أن يكون «سواق الهانم» على حد وصفه، موضحاً: «قبلت أن أكون منظراً تتفاخر به صاحبة إحدى الشركات، خير من أن أعود إلى بيت أهلي بخفي حنين، بعد أن عقدوا عليّ آمالاً كبيرة بعد تخرجي»، مضيفاً: «كنت أتسلّم مبلغاً يكفي حاجتي ويزيد، ولم أكن أقوم إلا بمشاوير قليلة في اليوم كلها ترتبط بالوجاهة وحضور مناسبات كبرى، لذا لم أجد حرجاً في قبول الأمر، خصوصاً أنه لا أهل لي هنا ألتقيهم ويعرفون تفاصيل عملي». قبل بندر القيام بدور «الشاب الوجيه» الذي يستثمر مظهره لكسب قوت يومه، إلى أن تنهال عليه العروض من سيدات الأعمال، لا ليصبح «سائقاً خاصاً» لإحداهن، ولكن لكي يقوم بمهمة توصيلهن إلى مشاوير معينة في مقابل مادي، «فتم التعامل معي كسائق خاص باليومية، فمثلاً يتم طلبي لتوصيل إحداهن إلى مناسبة ما، فيتم حجزي طوال اليوم بمبلغ معين، وتكون شروطي هي توفير سيارة لي، ويتم قبول ذلك». وبعد أن ولج بندر العقد الثالث من عمره، يؤكد أنه يعتبر هذه المهنة «موقتة»، وغالباً ما ترتبط ب «العيب»، «لذا نلاحظ أن العاملين فيها في الغالب يكونون من خارج مناطقهم، أو من أسر تمتهن هذه المهنة تاريخياً. وهؤلاء وضعهم مختلف عنا». ويضيف أنه في طريقه إلى «فتح شركة توصيل ونقل»، لافتاً إلى أنها «لن توظف السعوديين، ليس لأنها تحارب السعودة، ولكن لأن فكرتها أن تكون علنية ومعلومة، وفي مدن مختلفة في المملكة، ما يجعل عمل السعوديين فيها صعباً».