الرأي السعودي - السعودية "شريك نجاحي هو سائقي".. إسراء عسيري @eassery تلك إجابة إسراء خلال مشاركتها كمتحدث في أحد المؤتمرات على سؤال "من هو شريك نجاحك في مشروعك؟" لتضج القاعة بالضحك، ولكنها كانت جادة تماماً، واستطردت لتواصل الحديث عن أهمية وجود سائق وكيف ساهم في نجاحها بإيصالها كل يوم للعمل، وحضور اجتماعات في أوقات مختلفة من النهار، وحتى مناسبات اجتماعية أو خاصة، فالسائق مطيع وجيد وبراتب معقول ومؤدب، وما كان لينجح في مشروعها الصغير لولا توافره بشكل دائم معها. استطيع أن أخمّن بأن الأسئلة التي انهالت عليها بعد الجلسة كانت من قبيل: "طيب ممكن رقم أخوه أو ولد عمّه؟" "ممكن ناخذه سلف إذا سافرتي إجازة؟" "يقدر يوصّي على سواق وندفع له؟" ليس هناك الكثير من المحظوظات مثلها، فمعضلة توافر سائق خاص للفتاة السعودية تكاد تصطف مع عشم ابليس وقرض صندوق التنمية العقاري، وقريباً سوف تصبح هدية التخرج "سوّاق!" يستنزف السائق (الغشيم) مبلغاً لا يقل عن ألف ريال شهرياً، وقد يبلغ الألفين ريالاً من راتب الموظفة، مع حق مشاركة السيارة مع 3 فتيات أخريات كمعدل شهري، وتحديد أوقات مسبقاً للذهاب والعودة، ويتم حساب أي مشوار إضافي بشكل منفصل، إما هذا أو (انطقّي بالبيت)! فسواء قرر السائق زيادة (الجزية) أو غضب عليها ورفع صوته ونهرها لأنها تأخرت بضع دقائق، أو تطفل عليها أو أياً كان السبب، فللنساء مع السائقين قصص لا تنضب، ويبدو مثل صندوق أسود يتبادلن حكاياه فيما بينهن فقط، لذلك بمجرد أن تشتكي إحداهن من سائقها، تأتيها النصائح من كل حدب وصوب، اغضبي كما تريدين، ولكن.. لا تخبري أهلك! فكم من فتاة أخبرت أهلها عن سائق فداهمت نوبة شهامة طارئة أحد الذكور، ليطرد السائق ويتكفل بإيصالها لمدة أيام قليلة وبعدها .. (البلشة!)، فلا هو بالذي التزم معها كما تريد، ولا وفّر لها سائق بديل، لتدخل دوامة البحث عن سائق! فالسائق ليس وسيلة توصيل فحسب للفتاة، بل جزء من حياتها وأسرارها وصلتها بالعالم الحقيقي، لذلك قد تكظم غيظها خشية غضبه أو هروبه أو إلغاءه لها كعميلة! استنزف موضوع قيادة المرأة إعلامياً لدرجة الفجاجة، فما عدت تعرف أساس القضية، المهم يبقى الحال على ماهو عليه، وعلى المتضررة البحث عن أقرب رقم سواق! في القرى الجبلية والصحراوية تملك النساء السيارات، ويقمن بإيصالهم أطفالهن للمدارس وقضاء احتياجاتهن اليومية بشكل طبيعي، هايلكس غمارتين وبرقع والحطب بالصندوق مع شنط المدارس، وأحياناً تقوم بإيصال مدرسة أو اثنتين بمبلغ بسيط إن كانت على طريقها، ولا شيء خاطيء! بلا تغريبيين أو تكفيريين، والحياة حُلوة في تبوك وحائل والطائف وخميس مشيط وجازان وغيرها كثير. لذلك يا عزيزي، كن عوناً لهن أو اصمت! حكمة: "وخير صديق في الزمان.. سائق قنوع!"