قالت الحكومة العراقية إن لها الصلاحية الدستورية في إقالة وزرائها دون الحاجة لاستجواب الوزير، فيما دعت كتل شيعية في البرلمان إلى اعتماد الآليات الدستورية في تغيير الوزراء عبر الاستجواب البرلماني أو طلب إقالة مدعوم بذكر الأسباب والمبررات الموجبة. وأبلغ المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي «الحياة» في اتصال هاتفي، أن «المادة 78 من الدستور العراقي واضحة في ما يتعلق بصلاحية رئيس مجلس الوزراء بإقالة الوزراء بعد موافقة البرلمان، من دون الحاجة إلى استجواب الوزير». كما أكد مصدر في الرئاسة طلب عدم ذكر اسمه ل «الحياة»، أن «رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي عن السياسة العامة للدولة وله الحق في إقالة الوزراء، وأن هذه المادة هي الرد الدستوري على المعترضين الذين يستندون إلى المادة 61 في عدم دستورية إقالة الحكومة وزراءها، وأن المادة 80 تلزم أيضاً رئيس الوزراء مهمة التخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة، والخطط العامة والإشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بأي وزارة». وتنص المادة 61 في الدستور، على أنه «لا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته أو بناء على طلبٍ موقع من خمسين عضواً، بعد استجوابه، ولا يصدر المجلس قراره إلا بعد سبعة أيام من تاريخ تقديمه»، كما تتضمن المادة نفسها إجراءات سحب الثقة من الحكومة. وقالت كتلة الفضيلة في البرلمان إن «أي عملية تغيير للوزراء الحاليين لا بد أن تعتمد الآليات الدستورية والقانونية من طريق الاستجواب البرلماني أو طلب إقالة مدعوم بذكر الأسباب والمبررات الموجبة لها قبل عرضها على البرلمان للبت فيها». وشدد رئيس الكتلة عمار طعمة في بيان، على أن «يقوم البرلمان بتشريع قانون يلزم الكابينة الجديدة التكنوقراط بعدم الترشيح للانتخابات القادمة، على أن ينص القانون ذاته على عدم جواز تعديل هذا القانون إلا بثلاثة أرباع البرلمان كطريقة وقائية تغلق منافذ توظيف مصادر السلطة والنفوذ في التأثير على إرادة الناخبين». وطالبت كتلة الفضيلة في البرلمان «بتغيير بعض مرشحي الوزارة المقترحة، كونهم من أزلام النظام السابق»، ودعا عمار إلى تغيير هؤلاء المرشحين بمن هو أكفأ وأصلح، خصوصاً وأنه قد أشار في كلمته الأخيرة أمام البرلمان إلى أن هذه التشكيلة المقترحة قابلة للتعديل والنقاش. وشكك النائب عن ائتلاف «المواطن» سليم شوقي في تصريح ل «الحياة»، في صحة أسماء الكابينة الوزارية المسربة التي تنشرها وسائل إعلام محلية، والتي يدور بشأنها جدل سياسي واسع. وقال إن «الكتل السياسية والبرلمان لم يطلعوا إلى الآن على الأسماء المقترحة لشغل الكابينة الوزارية المقترحة، لكننا سنلجأ إلى مطالبة العبادي بتغيير بعض الأسماء إذا ثبتت صحة هذه التسريبات، كما توجد مواقف سياسية أخرى بشأن الأسماء المطروحة للكابينة الوزارية الجديدة». وأكد النائب عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري برهان المعموري ل «الحياة»، أن «العبادي قدم أسماء كابينته الوزارية المقترحة في ظرف مغلق ولم نتسلم قائمة الأسماء رسمياً للتوصل إلى قرار بشأنها، وأن ما يطرح في الإعلام سيحدد في جلسة التصويت على الكابينة الوزارية الجديدة في البرلمان». وكان اتحاد القوى الوطنية بزعامة إياد علاوي، رفض مقترح دمج وزارتي الهجرة والعمل في الحكومة الجديدة، فيما دعا النائب رعد الدهلكي في بيان، رئيس الحكومة إلى «إعادة النظر بدمج هاتين الوزارتين والتوجه إلى دعم وزارة الهجرة إلى حين الانتهاء من قضية النازحين والمهجرين». كما اعتبرت عضو كتلة «ديالى هويتنا» النائب غيداء كمبش، دمج الوزارات في التشكيلة الحكومية الجديدة «قراراً خاطئاً لن يحقق الإصلاح». وقالت في بيان إن «وزارة الهجرة التي تشرف حالياً على ملف أكثر من أربعة ملايين نازح دمجت مع وزارة العمل التي تشرف هي الأخرى على ملف الملايين من الشرائح الضعيفة، ما يعني أن الملف سيكون صعباً للغاية لأي وزير يتحمل مسؤولية الإدارة، إضافة إلى أن المالية والتخطيط كلتيهما وزارة متخصصة لا يمكن جمعهما في مظلة واحدة». وأشارت إلى أن «وزارة الشباب من الوزارات المهمة التي تعنى برعاية شريحة تمثل 40 في المائة من أبناء البلاد، دمجت مع وزارة الثقافة التي يجب أن تبقى مستقلة لأنها ذات اختصاص نوعي مهم، إضافة إلى أن وزارة التجارة دمجت مع الصناعة رغم الفرق بينهما من ناحية مضمون الأداء، كما أن دمج وزارة الزراعة مع الموارد المائية خطأ آخر، لأن استقلالية كل وزارة سيحقق الفائدة». وتباينت المواقف السياسية الكردية في شأن الكابينة الوزارية المقترحة بعد أن تحفظت كتلة التحالف الكردستاني على إعلان الكابينة الوزارية الجديدة، بدعوى أن العبادي لم يستشرها في طرح أسماء الوزراء الذين يمثلون المكون الكردي، الأمر الذي دفع بمرشح وزارة النفط نزار محمد سليم، إلى الانسحاب من الترشح «بسبب غياب التوافق السياسي بين رئاسة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية على هذا الترشيح». واعتبر مستشار رئيس برلمان إقليم كردستان مجيد صالح في تصريح صحافي، أن «ما قام به العبادي من تغييرات وزارية انقلاب على الشرعية الانتخابية»، فيما رد المتحدث الرسمي باسم «حركة التغيير» شورش حاجي، بقوله إن «حركة التغيير تؤيد الكابينة الوزارية المقترحة على أن يؤخذ بكل مطالب الأطراف السياسية الأخرى». وحمل النائب عن كتلة تحالف القوى الوطنية حامد المطلك، رفض الكتل السياسية مشروع التغيير الوزاري لأسباب تتعلق بمكاسبها في الدولة، محذراً من أن «أي تبعات وتصعيد خطير ينعكس سلباً على الشارع العراقي». وقال إن «رفض تلك الكتل إجراء خاطئ، وإن جميع مكونات تحالف القوى داعم أيَّ مشروع إصلاحي ينقذ البلد من الخطر والدمار». وطالب «الكتل الرافضة بتقديم تبريرات مقنعة لذلك، بشرط أن لا تكون تتعلق بمكاسبها وحصتها في الحكومة». وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، عن أمله في أن «تساهم الإصلاحات المقترحة في البلاد بعودة الاستقرار»، وحذر في بيان من «استمرار أعمال العنف في حصد أرواح المدنيين في العراق»، قائلاً إنه «من غير المقبول أن يتحمل المدنيون عبء الصراع المسلح في هذا البلد».