تزدحم الكواليس السياسية في العراق بآراء ومواقف متضاربة من التغيير الوزاري الذي قدمه رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى البرلمان أول من أمس، ويفترض التصويت عليه خلال عشرة أيام، لكن تمرير التشكيلة كاملة سيواجه صعوبات، فالقوى السياسية بدأت تستعد للاعتراض عليها. ويبدو الموقف الكردي أكثر المواقف المعارضة وضوحاً حتى الآن، إذ رفضت كتلة «التحالف الكردستاني» أن يتم اختيار أي وزير من خارجها، وطالبت بمنح الأكراد حصتهم «الحقيقية» في الحكومة. أما القوى السنية والشيعية، فأعلنت مواقف متضاربة خلال اليومين الماضيين، اتخذ بعضها طابعاً شخصياً يعبر عن وجهات نظر نواب أكثر من كونه يعكس وجهة نظر الكتل والأحزاب التي ينتمون إليها. ففي مقابل ترحيب أطراف ببعض المرشحين الجدد، أبدت اعتراضات غير معلنة على أسماء أخرى في القائمة. وقالت مصادر سياسية موثوق فيها ل «الحياة»، إن «قدرة العبادي على تمرير تشكيلته كلها تبدو صعبة»، إذ بدأت القوى السياسية إعداد اعتراضات يتخذ بعضها شكلاً دستورياً وقانونياً، واتجهت أخرى إلى رفض شخصيات معينة داخل القائمة. وتبدو المشكلة الدستورية أكبر الأزمات التي سيواجهها العبادي، خصوصاً أن المعترضين قد يستندون إلى المادة 61 التي تنص على أنه «لا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناءً على رغبته، أو بناء على طلبٍ موقع من خمسين عضواً، بعد استجوابه، ولا يصدر المجلس قراره إلا بعد سبعة أيام من تاريخ تقديمه»، كما تتضمن المادة نفسها إجراءات سحب الثقة من الحكومة. وهذه المادة ليست العائق الوحيد، وهناك مخاوف من أن لا تستطيع الحكومة الجديدة، وكلها من المستقلين، ممارسة مهماتها من دون غطاء سياسي في ظل سيطرة الأحزاب على الوزارات من الداخل، عبر آلاف الموظفين والمستشارين والمديرين العامين ورؤساء الأقسام، وفق أنظمة المحاصصة. وعلى رغم أن البرلمان ألزم العبادي إجراء تغييرات في هذه المناصب التي تشكل عصب المؤسسات، فإن قدرته على التغيير لا تبدو سهلة، وستصطدم على ما يقول المطلعون، بممانعة سياسية قوية. في هذه الأجواء، تظاهر أمس في ساحة التحرير في بغداد، المئات من أنصار الزعيم الديني مقتدى الصدر، بالإضافة إلى ناشطين من المجتمع المدني، بعد أن استجابوا طلب زعيمهم فض الاعتصامات بالتزامن مع تقديم العبادي تشكيلته الوزارية. ويبدو أن فض الاعتصامات لن يكون نهاية المطاف، فالصدر هدد الخميس بسحب الثقة من العبادي إذا فشل في تمرير وزارته في البرلمان، وقد يتحقق ذلك بالفعل خلال الأسابيع المقبلة، خصوصاً إذا لجأت إحدى القوى السياسية إلى المحكمة الدستورية لاستصدار فتوى تعرقل إجراء التعديل بالاستناد إلى المادة الدستورية المذكورة، أو إذا اعترضت على كل المرشحين أو بعضهم.