يقول العلماء إن السلالة البشرية المنقرضة المسماة «الهوبيت» اندثرت في موطنها الأصلي على جزيرة فلوريس الإندونيسية في وقت أقدم مما كان يعتقد من قبل، فيما تنتابهم شكوك في أن تكون للإنسان الحديث صلة وثيقة باختفاء هذا الكائن القصير القامة. وقال العلماء أول من أمس (الأربعاء) إنهم أعادوا حساب عمر عظام هذا الكائن واسمه العلمي «هومو فلورسينسيز»، التي عثر عليها داخل كهف على جزيرة فلوريس، وقالوا إن هذا المخلوق اختفى منذ نحو 50 ألف عام وليس 12 ألف عام كما تشير التقديرات السابقة. وكان اكتشاف سلالة «الهوبيت» عام 2003 أحدث ضجة في الأوساط العلمية، وكان يبلغ طول قامته 106 سنتيمترات، وله مخ صغير في حجم دماغ الشمبانزي، وكان يتقن صنع الأدوات الحجرية واستخدامها، وربما كان يتغذى على صغار الفيلة. ويقول الباحثون إنه لم ترد بعد أدلة مباشرة على أن سلالة «الهوبيت» قابلت سلالة «هومو سابينس» أو الإنسان العاقل، لكنهم أشاروا إلى أن جنسنا البشري كان يعيش على جزر أخرى بالمنطقة في الوقت نفسه تقريباً، وأنه وصل إلى جزيرة أستراليا منذ نحو 50 ألف سنة. من جهته، قال عالم الأزمنة الجيولوجية في جامعة ولونغونغ في أستراليا بيرت روبرتس إن الإنسان العاقل ربما يكون لعب دوراً في انقراض سلالة «الهوبيت»، مشيراً إلى أن هذه القضية ستصبح محور تركيز في الأبحاث المقبلة. وقال روبرتس: «ربما كان الإنسان العاقل هو العامل الحاسم في انقراض سلالة الهوبيت، لكن يتعين أن نجد أدلة دامغة تعضد تلك الفرضية». وقال عالم السلالات البشرية في جامعة ليكهيد الكندية الخبير ببرنامج أصل الإنسان في مؤسسة سميثونيان مات توتشيري إن عدداً كبيراً من الحيوانات اختفى على جزيرة فلوريس في الوقت نفسه مثل صغار الفيلة وطيور اللقلق العملاقة من نوع مارابو وسحالي الكومودو الشبيهة بالتنين. وفي أعقاب الاكتشافات والحفريات الجديدة التي تمت بين عامي 2007 و2014، التي أسهمت في تحسين فهم العلماء لموقع الكهف وتاريخه، أعاد الباحثون تقييم عمر الصخور الرسوبية التي عثر على عظام وحفريات سلالة «الهوبيت» بها. وقال عالم الأحياء القديمة في جامعة ولونغونغ الأسترالية وفي المركز الوطني الإندونيسي لبحوث الآثار توماس سوتيكنا في الدراسة التي وردت بدورية «نيتشر»، إن بقايا الهيكل العظمي لسلالة «الهوبيت» ترجع إلى فترة تراوح بين 60 ألفاً و100 ألف عام، فيما يرجع عهد أدواته الحجرية إلى 50 ألفاً و190 ألف عام. وتطرح الأبحاث فرضيات توضح حدوث تزاوج داخلي أو زواج أقارب بين النوع البشري «هومو سابينس» أو الإنسان العاقل وإنسان النياندرتال منذ نحو 100 ألف عام، علاوة على أدلة مثيرة على أن الإنسان الحديث ارتحل من القارة الأفريقية إلى مناطق أخرى من العالم في وقت أقدم بكثير مما كان يعتقد من قبل، على رغم أنه يبدو أن هذه الغزوة باءت بالفشل. وظهر الإنسان العاقل في أفريقيا للمرة الأولى منذ نحو 200 ألف عام.