يعتبر القطاع المصرفي العربي ركيزة للتكامل الاقتصادي الشامل، الذي يفضي إلى التنمية في المنطقة، وهو ما تناوله المتحدثون في افتتاح «مؤتمر التكامل المصرفي العربي»، الذي نظمه اتحاد المصارف العربية في بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام ممثلاً بوزير البيئة محمد المشنوق. وأعلن رئيس اتحاد المصارف العربية محمد بركات، أن الاتحاد «يرى ضرورة تعميق مسيرة التكامل العربي». وأشار إلى «النمو المتزايد للقطاع المصرفي العربي، إذ تخطّت أصوله عتبة 3.3 تريليون دولار عام 2015، بزيادة 8.6 في المئة عليها نهاية عام 2014. وبلغت الودائع نحو 2.1 تريليون دولار مسجلة نمواً نسبته 3.8 في المئة، والقروض 1.7 تريليون دولار بزيادة 6.6 في المئة». وأعلن أن عدد المؤسسات المصرفية العربية «يصل إلى 520، وتزيد أصولها المجمّعة على حجم الاقتصاد العربي المقدّرة بنحو 137 في المئة من ناتج الدول العربية والبالغ 2.5 تريليون دولار. كما تستند إلى قاعدة ودائع تعادل 86 في المئة من حجم الاقتصاد العربي». وذكر أن «نسبة نموّ أصول القطاع المصرفي العربي المحقّقة عام 2015 والبالغة 8.6 في المئة، قابلها تراجع في حجم الاقتصاد العربي نتيجة انخفاض أسعار النفط والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه عدداً من الدول العربية». ورأى رئيس جمعية مصارف لبنان رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، أن الاهتمامات «تتركز على التكامل الاقتصادي العربي، وهو محرّك استراتيجي للتنمية، وعملية تدريجية». وتحدث عن الخسائر التي سببتها الحروب في المنطقة العربية، لافتاً إلى أن «لا تقديرات نهائية لكلفة الحرب السورية وهي تشمل خسائر الاقتصاد السوري وخمس دول مجاورة متضررة هي العراق ومصر ولبنان والأردن وتركيا». وأوضح أن «كلفة اللاجئين السوريين سنوياً على لبنان وحده بلغت نحو 2.5 بليون دولار». واعتبر طربيه أن «عملية إعادة النهوض حالما تضع الحرب أوزارها تتطلب تضافر جهود، يأتي في مقدمها دور النظام المصرفي فيها، لأن القطاع المصرفي هو المدخل الأساس لكل عملية نمو اقتصادي، وهو مستمر في تحقيق النتائج الجيدة». وكانت كلمة للأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي التي ألقاها نيابة عنه المدير العام للمؤسسة هنري العويط، معتبراً أن «التكامل ثقافة وفي عالمنا العربيّ، وفي هذه الظروف العصيبة بالذات، أحوج ما نكون إلى اكتسابها، وإلى ترجمتها في شتّى الحقول، لذا ترانا في المؤسّسة من المبشّرين بها، وبترسيخها فكراً وممارسة». وأكد العويط أن «السبيلَ الأنجع للخروج ممّا نتخبّط فيه من أزمات محليّة، ولاكتساب المناعة التي تحمينا من المطامع الإقليميّة والدوليّة، إنّما هو السعي الجدي إلى تعزيز العمل العربيّ المشترَك، من خلال إنشاء أوسع شبكة من الشراكات والتعاون بين هيئاته ومؤسّساته ومنظّماته، الحكوميّة منها والأهليّة، وبين القطاعين الرسميّ والخاص». وخلص إلى «أننا مدعوون إلى تغذية صندوق التكامل بأرصدتنا وودائعنا وإلى الاكتتاب في أسهمه التفضيلية، وجني فوائده وعائداته المجزية». وأعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه، أن المصرف «طوّر الهيكلية الإدارية للقطاع المصرفي، وطالب المصارف بأن يكون لدى مراكزها الرئيسة وفروعها دائرة امتثال تتأكد من شرعية الأموال الداخلة إليها». وشدد على أن «المصارف اللبنانية سليمة وحققت نسب ملاءة فاقت 12 في المئة التي حددتها معايير «بازل 3»، إذ بلغت 14.42 في المئة في حزيران (يونيو) 2015». وأكد أن سياسة مصرف لبنان «ستبقى قائمة على منع إفلاس أي مصرف مهما كان حجمه، وقانون اندماج المصارف يسمح لمصرف لبنان بتحقيق ذلك. كما سنستمر في تنظيم انتشار المصارف خارج لبنان ومراقبتها إضافة إلى توظيفاتها في الخارج». واعتبر سلامة أن هذه المقاربة «سمحت بتفادي الارتدادات السلبية للأزمات التي عاشتها دول تواجدت فيها مصارف لبنانية، وبمنع انتقال أزمات الأسواق الخارجية إلى السوق المحلية». وأعلن أن «الليرة اللبنانية مستقرة، وإمكانات مصرف لبنان والموجودات بالعملات الأجنبية تسمح لنا بتأكيد استمرار استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار». إذ إن الاستقرار بالعملة هو «ركيزة الاستقرار بالقدرة الشرائية لدى اللبنانيين وبالثقة في الاقتصاد والقطاع النقدي، كما بالاستقرار في بنية الفوائد». ومع أن تصنيف لبنان منخفض، أوضح أن «بنية الفوائد لديه تبقى أدنى من تلك المعتمدة في دول في المنطقة وفي الأسواق الناشئة، على رغم تمتع هذه الأخيرة بتصنيف أفضل منه». وقال «إننا نتطلّع إلى فوائد مستقرة للمستقبل، وسنتدخل عند الحاجة لحماية هذا الاستقرار».