طغى المشهد السياسي في العالم العربي والأفق السياسي والاقتصادي للدول التي تعيش تحولات، على جلسة افتتاح «منتدى الاقتصاد العربي» في دورته ال 19، برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ممثلاً برئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة، الذي أكد أن «نجاح هذه الانتفاضات العربية يساهم في وضع عملية الإصلاح الاقتصادي على الطريق الحقيقي والصحيح». وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في المنتدى الذي نظّمته «مجموعة الاقتصاد والأعمال» في فندق فينيسيا في بيروت في حضور 600 مشارك من 18 بلداً، أن «عدم تأثُّر لبنان بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ليس من باب الصدفة بل مردّه إلى النموذج الذي استحدثناه وطورناه منذ العام 1993». واعتبر أن «الحفاظ على الثقة يفترض ثبات سعر صرف الليرة أمام الدولار، علماً أن هذا القرار، وإن كان مكلفاً أحياناً، سمح بصون الاستقرار وتعزيز الثقة في القطاع المالي وتأمين المناخ المواتي للاستثمار والاستهلاك، وأعاد الليرة كعملة إقراض ما ساهم في نمو التسليف والاقتصاد». وأكد «البقاء على هذا الهدف والعمل دائماً لتكون لنا الإمكانات في تحقيق ذلك». وأوضح سلامة أن من ركائز النموذج الذي «اعتمدناه البقاء منخرطين في تمويل القطاع العام». كما لفت إلى أن «إدارة السيولة تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار بمستوى الفوائد الممول بها حالياً، خصوصاً أننا نعتبر أن إحجام المصارف عن الاكتتاب بالسندات بالليرة اللبنانية ظرفي ولن يتبدل برفع الفائدة». وأشار إلى أن «الركيزة الأخيرة تكمن في ضرورة الحفاظ على قطاع مصرفي متين وسليم، وستتوسع رقابتنا وسلطتنا التنظيمية لتشمل المؤسسات المالية والوساطة والصرافة وصناديق الائتمان». وأوضح أن «اختبارات الضغط على المصارف المتواجدة في دول تشهد عدم استقرار سياسي أشارت إلى كفاية رؤوس الأموال المخصصة للعمل في هذه الدول لمواجهة الأخطار القائمة». وتوقع أن «يسجل التضخم هذه السنة ما بين 6 و 7 في المئة»، لكن أمل ب «تراجعه إلى 4 في المئة مع انخفاض أسعار المواد الأولية». وشدد على أن لبنان «تجنّب الأزمات، وتتمتع أسواقه بالمناعة، وسيتخطى الظروف الصعبة التي يمر فيها حالياً محافظاً على الاستقرار النقدي وعلى إمكاناته التمويلية، ما يمكنه من إعادة إطلاق عجلة النمو التي يمكن أن تتجاوز نسبته 2.5 في المئة للعام الجاري». وأعلن رئيس جمعية مصارف لبنان رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، أن الملامح الظاهرة للمشهد السياسي العربي، «تؤكد أننا في صدد عصر عربي مختلف ومناخات إقليمية ودولية جديدة». ولاحظ أن «التحركات الحاصلة تجتمع على عنوان واحد هو الإصلاح وتعميمه في كل المجالات». وأكد أن لبنان «يبقى ملاذاً آمناً للاستثمار، على رغم ما نشهده من تقلبات سياسية ومن تأخير في إنهاء الأزمة الحكومية المستمرة منذ شهور». وإذ لم ينكر أن الاقتصاد «شهد بعض الانكماش في الشهور الماضية دفع إلى خفض توقعات النمو من متوسط 9 في المئة المحقق في السنوات الماضية»، قال: «لا زلنا نعول على معطيات النصف الثاني من العام الجاري، والتي ربما تعيد تصحيح هذه التوقعات من 3 إلى 5 في المئة وربما أعلى، إذا ما أحسن سياسيونا التصرف في معالجة الاستحقاقات القائمة بما فيها منع الشغور في مركز القرار النقدي والتجديد للسياسات الناجحة». واعتبر أن «الأهم في دورة الاقتصاد وأكثر القطاعات جاهزية لمواكبة الفرص المتاحة للعودة إلى النهوض القوي، هو القطاع المصرفي الذي يدير حالياً موجودات محلية تفوق 137 بليون دولار، ويملك وجوداً مباشراً في معظم دول المنطقة وفي أسواق دولية كبرى». واعتبر وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال رئيس اتحاد الغرف العربية عدنان القصار، أن «ما يحصل اليوم من متغيرات تاريخية يؤذن بدخولنا حقبة تاريخية جديدة لا نعرف حتى الآن ملامحها النهائية». واعتبر الرئيس التنفيذي ل «مجموعة الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، أن «العالم العربي مقبل على تغييرات كثيرة». وأعلن أن «التحدي الأهم أمام الحكومات العربية هو القدرة على تحقيق النمو وتعميمه وتأمين فرص العمل». ومنحت المجموعة في ختام الافتتاح، جائزة «الريادة في الإنجاز» إلى شخصيات عربية.