أول ما يتعرف إليه زائر جديد للصين اليوم هو عدم إمكان استخدامه موقعي «فايسبوك» و«تويتر» للتواصل الاجتماعي ومحرك «غوغل». وقد يتساءل هذا الزائر هل ينسحب واقعه الموقت على الواقع اليومي لحوالى 1.4 بليون صيني. لكنه يفاجأ بأن عدد المستخدمين الصينيين للإنترنت بلغ 668 مليوناً العام الماضي، وفق إحصاء المركز الصيني لمعلومات شبكة الإنترنت، والذي يوازي ضعفي عدد سكان الولاياتالمتحدة. وفي ظل استخدامهم شبكات إلكترونية محلية بديلة، نجح قراصنة معلوماتية صينيون في شن هجمات إلكترونية كثيرة على شركات أميركية في الأشهر الأخيرة، فيما زاد عدد «النجوم الرقمييين» الصينيين إلى حوالى مليون، في مقدمهم بابي جيانغ الذي جنى أكثر من 1.85 مليون دولار من نشره أشرطة فيديو كوميدية جذبت أكثر من 7 ملايين متابع. واكتسب نحو 40 في المئة منهم شهرتهم من خلال أشرطة فيديو، و18.2 في المئة من خلال نقل أخبار، و27.3 في المئة منهم من خلال استخدام منصة «وي ميديا» (بديلة يوتيوب)، أما الغالبية ففتيات جميلات هنّ طالبات أو عارضات أزياء. إلى ذلك، استفادت بعض المنظمات ووسائل الإعلام الصينية من السماح باستخدامها «فايسبوك» في شكل محدود بدءاً من عام 2014، حين قبلت السلطات إنشاء الموقع مكتباً في بكين إثر زيارة المسؤول الصيني البارز لو وي مقر الشركة في سيليكون فالي في كاليفورنيا، ورؤيته كتاب «حكم الصين» للرئيس شي جينبينغ موضوعاً على مكتب مالك الشركة مارك زوكربيرغ. وكان أحد المستفيدين التلفزيون الرسمي الصيني ذاته الذي اجتذب 21 مليون متابع على «فايسبوك». وإذ يُقال إن هناك جانبين في أي قصة تتناول الصين، يتمثل الجانب الأول في قصة علاقاتها مع المواقع الإلكترونية الأميركية في عودة سلطاتها إلى «الانفتاح» على توسيع دخول «فايسبوك» إلى البلاد، بعد نحو 6 سنوات على خروج «غوغل» الذي لم يستطع التكيف مع متطلبات تقديم «بعض الخدمات» للسوق الصينية. وزار زوكربيرغ بكين الأسبوع الماضي، والتقى في اجتماع نادر أبرز مسؤول في الحزب الشيوعي الصيني المكلف شؤون الثقافة والإيديوليجيات، وكذلك اجتمع على هامش مؤتمر للتطوير مع جاك ما، مؤسس موقع «علي بابا» الصيني لمبيعات التجزئة. وقال ستيفن دونغ، أستاذ أكاديمية الإعلام والعلاقات العامة في جامعة الصين» إن «زوكربيرغ أظهر وداً للصين بخلاف رجال أعمال غربيين كثيرين يملكون نظرة تقليدية مجحفة تجاهها. وهو يعكس النموذج الجيد للبلدان الغربية التي تتطلع إلى دخول السوق الصينية». أما فانغ بيكسينغ خبير أمن المعلوماتية في الأكاديمية الصينية للهندسة فصرح أن «العالم يعرف أنه لا يستطيع تجاهل امتلاك الصين أكبر تعداد ناس على الإنترنت». أما الجانب الثاني من القصة القديمة الجديدة فيرتبط باستمرار اقتناع غالبية المسؤولين الصينيين بأن نظام «فايسبوك» يُسهّل تمرير المعلومات المسيئة والتعرض للاحتيال، و»هو ما يتطلب تحسينات استجابة لأنظمة البلاد» كما يقول كين آن، خبير الأمن الإلكتروني في المؤسسة الصينية للابتكار والتطوير. من هنا يتوقع كزين هايغونغ، خبير الإنترنت في بكين، إطلاق نسخة ل «فايسبوك» تخضع لقوانين الصين، ما يعني أن التحديات أمام موقع التواصل الاجتماعي الأبرز لا تزال كبيرة لكنها تترافق مع أجواء إيجابية هذه المرة.