أصبحت شبكة الإنترنت لدى من يتقن استخدامها أداة طيعة تسخر لخدمة مآرب خاصة وتستثمر لأغراض غير مألوفة او غير مشروعة. فعلى الصعيد التربوي انشأ بعض الطلاب الجامعيين أخيراً في مقاطعة كيبك الكندية موقعاً الكترونياً بعنوان ««notedecours.ca للمتاجرة بالمدونات او الخلاصات التي يسجلها الطلاب اثناء القاء الأساتذة محاضراتهم في قاعات التدريس وطرحها سلعة للمنافسة في سوق العرض والطلب تباع وتشترى من بعد في المزاد العلني. هذه الظاهرة كما تراها الأوساط الأكاديمية «تكشف لأول مرة في تاريخ الجامعات الكندية مدى استباحة مجموعة من الطلاب للأعراف والتقاليد الجامعية واستخفافهم بعقول البعض من زملائهم وإغرائهم بحفنة من الدولارات للحصول على مذكرات قد تحتوي الكثير من الأخطاء والمغالطات وسوء الفهم، والإيحاء لهم بأنها ضمانة لنجاحهم في الامتحانات من دون حاجة لمتابعة فصولهم الدراسية». ويتراوح سعر الكراس الواحد من المدونات بين 10 و30 دولاراً بحسب أهمية الحصة فيما الموقع يخاطب زبائنه من الطلاب على صفحته الرئيسة بعبارات جذابة ومطمئنة لا تخلو من الإغراء كالقول «نوفر لك ما فاتك من محاضرات» أو «بدلاً من الاستعانة بأحد زملائك يمكنك الآن شراء ما ينقصك من حصص على موقعنا». ويعزف إعلان آخر على وتر الخوف من الامتحانات فيقول «انت على ابواب الامتحانات فاغتنم الفرصة التي تؤهلك للنجاح» مع التأكيد أن «كل المدونات هي من صنع الطلاب وهي محمية بموجب حقوق المؤلف». اما ما يصدر عن الأساتذة من وثائق وملخصات وأبحاث فيمنع التداول بها. ويشير الموقع ايضاً الى ان عدد الطلاب المنغمسين بلعبة البيع والشراء بلغ نحو 600 وهم يتوزعون على 50 جامعة ومعهد وكلية في كندا. واللافت في هذه المتاجرة، أن آليات الحصول على تلك المواد، بسيطة جداً اذ يكتفي الطالب بتعبئة استمارة تتضمن اسمه بالكامل والجامعة التي يدرس فيها والأستاذ المحاضر وكلمة المرور وتسديد المبلغ اما بسحبه من حسابه المصرفي او من بطاقة الائتمان ليحصل على مراده. وما ان تم الكشف عن الموقع الإلكتروني حتى تسارعت ردود الفعل التي تراوحت بين الرفض والإدانة من جهة والقبول الحذر واللامبالاة من جهة اخرى. يقول لويس ماتو الأستاذ في معهد سان لوران: «انها مفاجأة غير سارة وظاهرة غريبة على الوسط الأكاديمي الكندي. فالكراسات التي يجرى تداولها تباع وتشترى من خلف ظهورنا وليس للطلاب اي حق في كسب مبالغ غير مشروعة». وأضاف ان ادارة المعهد تحقق في الأمر ولا يمكنها التغاضي عن مثل هذه الانتهاكات لتقاليدنا الجامعية. و يعلق جيل باربونو الأستاذ في «كلية ديسان فو» بقوله: «وجدت بعض الملخصات عن محاضراتي على الإنترنت ولكنها لا تتطابق تماماً مع ما قلته في الصفوف. وأعتقد انها لا تأخذ بعداً جرمياً طالما بقيت من صنع الطلاب انفسهم. وهذا الأمر لا يضرني بشيء». اما جامعة مونتريال التي تضم العدد الأوفر من الطلاب الذين يتداولون هذه المسألة، فقد أصدرت بياناً اكدت فيه ان «ما يقوم به بعض الطلاب من عمليات بيع وشراء لمدونات زملائهم على الإنترنت، لا يخالف احكام الجامعة». وأشار البيان الى ان تلك المدونات «تشبه الملاحظات التي يتبادلها الطلاب بين بعضهم بعضاً». اما من الناحية التربوية فيحذر البيان من ان هذه العملية «تشجع الطلاب على الكسل والاعتماد على الآخرين وغياب التفاعل بين الطالب واستاذه علاوة على ما قد تتضمنه من معلومات مغلوطة يدفع الطالب ثمنها في الامتحان». في المقابل يبرر اصحاب الموقع مبادرتهم بأنها «شرعية ولا تخالف الأنظمة الجامعية وليست تعدياً على حقوق الأساتذة وأنها بعيدة من الاستغلال والاستثمار التجاري». ويعتبرون ان جل ما يطمحون اليه هو «الحصول على مبالغ من المال تساهم في تغطية الأقساط الجامعية والمستلزمات المعيشية لأن ما يتقاضونه من قروض لا يكفي الا لبضعة اشهر».